[إثبات صفات الوجه والسمع والبصر وكمال الحياة والقيومية]
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[قال: ومما تعرف الله إلى عباده أن وصف نفسه أن له وجهاً، موصوفاً بالجلال والإكرام، فأثبت لنفسه وجهاً، وذكر الآيات].
فقوله عز وجل:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧]، وقوله:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص:٨٨]، فيها إثبات الوجه لله عز وجل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم ذكر حديث أبي موسى المتقدم، فقال في هذا الحديث: من أوصاف الله عز وجل (لا ينام) موافق لظاهر الكتاب: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥]].
ونفي النوم يستلزم كمال الحياة والقيومية؛ لأن صفات الله نوعان: صفات إثبات، وصفات نفي، فصفات الإثبات مستلزمة للكمال في إثبات ضدها، فهو سبحانه وتعالى:{لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة:٢٥٥]، لكمال حياته وقيوميته، {وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}[البقرة:٢٥٥]، لكمال قوته واقتداره، وهو:{لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ}[سبأ:٣]، لكمال علمه، {َلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف:٤٩]، لكمال عدله، {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}[الأنعام:١٠٣]، لكمال عظمته، وأنه أكبر من كل شيء.
فالنفي يستلزم إثبات ضده من الكمال، وليس نفياً محضاً؛ لأن النفي المحض -الصرف- لا يفيد مدحاً، ولهذا يوصف الجماد بالنفي الصرف، أما النفي الوارد في باب الأسماء والصفات فهو يستلزم إثبات ضده من الكمال.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وأن له وجهاً موصوفاً بالأنوار وأن له بصراً كما علمنا في كتابه أنه سميع بصير، ثم ذكر الأحاديث في إثبات الوجه، وفي إثبات السمع والبصر، والآيات الدالة على ذلك].
فقوله تعالى:{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١]، فيه إثبات اسمين من أسمائه سبحانه: السميع والبصير، وأسماء الله تعالى مشتقة، فكل اسم مشتمل على صفة، فالسميع مشتمل على صفة السمع، والبصير مشتمل على صفة البصر.