[إباحة المكاسب والتجارات، والرد على من حرم ذلك، أو اعتقد أن الأرض تخلو من الحلال]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومما نعتقده: أن الله أباح المكاسب والتجارات والصناعات، وإنما حرم الله الغش والظلم وأما من قال بتحريم تلك المكاسب فهو ضال مضل مبتدع، إذ ليس الفساد والظلم والغش من التجارات والصناعات في شيء، إنما حرم الله ورسوله الفساد، لا الكسب والتجارات].
ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الكسب أفضل؟ قال: كسب الرجل بيده، وكل بيع مبرور) كسب الرجل بيده مثل الصناعات، فالصناعات كلها مباحة، كالصناعات الحديثة الآن: البناء والدهان والسباك والكهرباء، كل هذه صناعات جديدة، والنجار والحداد والجزار والخياط، كلها الأصل فيها الإباحة، والبيوع كذلك.
قال: [وأن من قال بتحريم المكاسب فهو ضال مضل مبتدع].
لأنه أنكر ما دلت عليه السنة، وما دلت عليه النصوص، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:٢٩]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:٢٨٢].
قال: [إذ ليس الفساد والظلم والغش من التجارات والصناعات في شيء، وإنما حرم الله ورسوله الفساد لا الكسب والتجارة، فإن ذلك على أصل الكتاب والسنة جائز إلى يوم القيامة.
وأن مما نعتقده: أن الله لا يأمر بأكل الحلال ثم يعدمهم الوصول إليه من جميع الجهات].
فالله تعالى أمر بالكسب الحلال، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة:١٧٢]، ((وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا} [المائدة:٨٨].
فالله تعالى يأمر بالأكل الحلال، فلابد أن يكون الحلال موجوداً، ولا يمكن أن يأمر الله بشيء يستحيل وجوده، فالحلال موجود والحرام موجود، وكسب الحلال في الصناعات والأجور، فمن حرم الصناعات معناه أنه صادم النصوص.
قال: [لأن ما طالبهم به موجود إلى يوم القيامة، والمعتقد أن الأرض تخلو من الحلال والناس يتقلبون في الحرام فهو مبتدع ضال، إلا أنه يقل في موضع ويكثر في موضع، لا أنه مفقود من الأرض].
لا يمكن أن يفقد من الأرض، وجاء في الحديث: (في آخر الزمان من لم يأكل الربا ناله من غباره) لكن هذا لا ينفي وجود الحلال.