قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ويعلم العليم البصير بهم أنهم من وجه مستحقون ما قاله الشافعي رضي الله عنه حيث قال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام].
يعني: أن الإنسان ينظر إليهم بالمنظارين: منظار إذا نظر إليهم وجد أنهم أعرضوا عن الكتاب والسنة وأقبلوا على الكلام فيستحقون التأديب والضرب كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: حكمي أن يضربوا بالجريد والنعال.
ومنظار آخر: أن ينظر إليهم بعين الرحمة والشفقة، وأنهم مبتلون ومصابون، فنسأل الله لنا ولهم الهداية، فالإنسان ينظر بهذين المنظارين: نظر الرحمة فيرحمهم؛ لأنهم مبتلون بهؤلاء الأئمة والشيوخ الذين أضلوهم، ومن جهة أخرى ينظر إليهم نظر العقوبة والتأديب؛ لأنهم أعرضوا عن الكتاب والسنة، فهم يحتاجون إلى زجر وتأديب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القدر - والحيرة مستولية عليهم والشيطان مستحوذ عليهم - رحمتهم ورفقت عليهم؛ أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً، وأعطوا فهوماً وما أعطوا علوماً، وأعطوا سمعاً وأبصاراً وأفئدة {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون}[الأحقاف:٢٦] ومن كان عليماً بهذه الأمور تبين له بذلك حذق السلف وعلمهم وخبرتهم؛ حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه وذموا أهله وعابوهم، وعلم أن من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعداً.
فنسأل الله العظيم أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
آمين والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على محمد خاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين].