قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وقال أبو الحسن علي بن الحسن الأشعري المتكلم صاحب الطريقة المنسوبة إليه في الكلام في كتابه الذي صنفه في اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين: ذكر فرق الروافض والخوارج والمرجئة والمعتزلة وغيرهم].
وكان قد رجع عن قول المعتزلة حيث كان على مذهبهم، وقال: إنه مكث أربعين سنة ثم أعلن رجوعه، وخلع ثوباً في الجامع على المنبر، وقال: إني رجعت عن أقوال المعتزلة، خلعتها كما أخلع هذا الثوب، ثم تحول إلى مذهب وسط وهو مذهب الأشاعرة، ثم تحول إلى مذهب أهل السنة والجماعة، إلا أنه بقي عليه أشياء يسيرة من المذهب السابق، له كتاب الإبانة في أصول الديانة، قال فيه: إنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
قال: [وذكر فرق الروافض والخوارج والمرجئة والمعتزلة وغيرهم، ثم قال: مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث جملة.
قول أصحاب الحديث وأهل السنة: الإقرار بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وبما جاء عن الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يردون شيئاً من ذلك، وأن الله واحد أحد فرد صمد لا إله غيره، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله على عرشه كما قال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، وأن له يدين بلا كيف كما قال تعالى:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:٧٥]، وكما قال تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤]، وأن له عينين بلا كيف؛ كما قال تعالى:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}[القمر:١٤]، وأن له وجهاً كما قال تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧]].
إثباته لصفة العينين من آية:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}، غير سديد، فإن معنى الآية: بمرأى منا، والمعروف أن إثبات العينين لله عز وجل مأخوذ من حديث الدجال:(إن ربكم ليس بأعور، وإن الدجال أعور العين اليمنى)، ففيه إثبات أن لله عينان سليمتان، وأن الله ليس بأعور، وأن الدجال أعور، والأعور هو الذي له عين واحدة، وغير الأعور هو الذي له عينان.
قول البخاري في قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص:٨٨]: إلا ملكه، هذا من التأويل، والبخاري لم يقل هذا، بل يمكن أنه نقل قولاً من الأقوال، وفي هذه الآية إثبات الوجه لله تعالى، وجهه وذاته سبحانه وتعالى.
قال رحمه الله تعالى: [وأن أسماء الله تعالى لا يقال أنها غير الله، كما قالت المعتزلة والخوارج، وأقروا أن لله علماً كما قال تعالى:{أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء:١٦٦]، وكما قال تعالى:{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}[فاطر:١١]، وأثبتوا له السمع والبصر، ولم ينفوا ذلك عن الله كما نفته المعتزلة، وأثبتوا لله القوة، كما قال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}[فصلت:١٥]، وذكر مذهبهم في القدر إلى أن قال: ويقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، والكلام في اللفظ والوقف، من قال باللفظ وبالوقف فهو مبتدع عندهم].
على مذهب أهل السنة والجماعة أن من قال: القرآن مخلوق فقد كفر.