[حكم الرقص والإيقاع والأناشيد]
قوله: (والرقص بالإيقاع ونعت الراقصين على أحكام الدين فسق) أي: أن الرقص بالإيقاع كالعود مثلاً فسق.
وقوله: (على أحكام الدين) أي: وصف أهل الرقص بالتقى والزهد والإيمان، وهذا موجود عند بعض الصوفية.
قوله: (وعلى أحكام التواجد والغناء لهو ولعب).
التواجد والغناء من طرق الصوفية، والتواجد من وجد وجداً بالفتح يطلق على الحب، وبالكسر على الحزن، والتواجد عند الصوفية: استجلاب الوجد بالذكر والتفكر، أي: ادعاء المحبة عن طريق ترديد الأذكار، ويزعمون أن هذا وجد، وأنه محبة، وهو من الفسق.
ويقولون: الوجد ما يرد على الباطن من الله يكسبه فرحاً أو حزناً ويغيره عن هيئته ويتطلع إلى الله تعالى، وهو فرحة يجدها المغلوب عليه بصفات نفسية يأمر منها إلى الله تعالى.
وهو من كلام الصوفية الباطل.
وفي نسخة قال: (وعلى أحكام التواجد والنغام لهواً ولعب).
والنغام من النغمة وجمعها أنغام.
فترى بعضهم يتعبد الله بالرقص والغناء، وينسب هذا إلى الدين، مثلما يتدين الخوارج بحلق الرأس، ويبالغون في حلقه، ومثل هذا لم يثبت في دين الله، فالتدين به فسق.
والغناء والرقص عبادة عند الصوفية، وبعض الشباب اليوم يعملون القصائد الجماعية وصاروا يتلذذون بها، وبعضهم يلحنها ويتأوه، ثم يسمونه بعد ذلك بالأناشيد الجماعية، ولا يعجبهم منها إلا النغمات فقط مثل الصوفية، فترى بعضهم ينظر متى يرفع المنشد صوته أو يخفضه، ولا يهتم بالمعنى، فهذا صار تلذذاً بالصوت فقط، وليس المقصود المعنى، وهذه هي طريقة الصوفية، وصاروا أيضاً يتوسعون في هذا حتى إن بعضهم يلحن تلحيناً لا تشك أنه مثل التلحين الذي يسمع في الإذاعة، وهذا من إسدال الشيطان عليهم بالتدرج، ولربما سمعت من يسمع مثل هذا في الطريق فتقول له: هذا غناء؟ فيرد مسرعاً: هذه أناشيد، وقد أجازها فلان وفلان.
وأمثال هذه الأناشيد لا تفرق بينها وبين الغناء أبداً، ومع ذلك تجد من يرد عليك قولك، مستظهراً قوته وشجاعته، وكل هذا بسبب انتشار هذه القصائد، نسأل الله السلامة والعافية، وليس وراء ذلك كله من فائدة أو نفع إلا إضاعة الأوقات والتلذذ بالأصوات، بل وجد بعض الناس يغني: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] والعياذ بالله، وترى بعض الفسقة يقلد فلاناً وفلاناً من القراء، فتراه مرة يقرأ ومرة يغني، وتراه يطيل الصوت في الغناء والقراءة سواء بلا فرق! ومثل هذا الذي يغني بالقرآن يخشى عليه من الردة، فإذا كان ساخراً مستهزئاً ومستهيناً بالقرآن، فهو ردة والعياذ بالله.
ولا يصح الاستدلال على مثل هذه الأناشيد بالحدو المذكور في الأحاديث؛ لأن ذلك مذكور في حدو الإبل وهو شيء واحد وبألفاظ خاصة، ولا يصح بالشعر أيضاً؛ لأن هذه الأناشيد يقصد منها الأنغام والأصوات فقط، والشعر يقصد منه المعنى والفائدة.
ولا يدخل في ذلك تحسين الصوت بالقراءة، سواء كانت قراءة قرآن أو غيره، فتحسين الصوت مطلوب، وتلحينه غير مطلوب.