للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيهم، من ذلك قوله: "بئس أخو العشيرة" (١). كما تكلم فيهم كثير من الصحابة والتابعين، لكنه بقلة، لقلة الضعف في أهل تلك الأزمان، فلا يكاد يوجد في القرن الأول الذي انقرض فيه الصحابة وكبار التابعين ضعيف إلَّا الواحد بعد الواحد (٢)، ثم ازداد بعد ذلك وانتشر حتى أصبح علما مستقلا صنفت فيه المصنفات العظيمة.

كلّ هذا لا يعني إطلاق عنان اللسان بجرح الرجال من غير حاجة، فإن ذلك إنما جوز للضرورة الشرعية، ولهذا حكم العلماء بأنه لا يجوز الجرح بما فوق الحاجة، قال السخاوي: لا يجوز التجريح بشيئين إذا حصل بواحد (٣).

ولهذا تجنب العلماء الكلام في كثير من المتأخرين الذين لا يترتب على معرفتهم صحة حديث أو ضعفه، لذلك نجد الذهبي (٤) في مقدمة الميزان يقول: لا أورد من قد تكلم فيه من المتأخرين إلَّا من قد تبين ضعفه، واتضح أمره من الرواة، إذ العمدة في زماننا ليس على الرواة؛ بل على المحدثين والمقيدين، والذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء


(١) هذا جزء من حديث أخرجة البخاري مطولا ٩/ ٤٥٢، ٤٧١ مع الفتح، ومسلم ١٦/ ١٤٤ مع النووي، وأبو داود رقم ٤٧٩٢، وأحمد في المسند ٦/ ٣٨.
(٢) انظر: فتح المغيث للسخاوي ٣/ ٣١٨ نقلا عن المذهبي.
(٣) المصدر السابق ٣/ ٣٢٥.
(٤) هو الإمام الحافظ محدث العصر، وخاتمة الحفاظ، ومؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني ثم الدمشقي.
له: تاريخ الإسلام، سير أعلام النبلاء، تذكرة الحفاظ، ميزان الاعتدال، وغيرها. توفي سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.
انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي ص ٥١٧ - ٥١٨.

<<  <   >  >>