للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثالث: القلب في السند والمتن جميعًا.

وهو أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر، وبالعكس.

وهذا النوع قد يقصد به الإغراب أيضًا، فيكون كالوضع، وقد يفعل اختبارا لحفظ المحدث، كما وقع للإمام البخاري لما ورد بغداد، وكانت شهرته قد سبقته في الآفاق، فعمد أصحاب الحديث إلى مائة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، ودفعوها إلى عشرة، كل واحد منهم عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وحددوا وقتا للمجلس فحضره أصحاب الحديث من الغرباء والبغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة، فسأله عن حديث، فقال: لا أعرفه، فما زال يلقي عليه حديثًا بعد آخر حتى فرغ من عشرته، وهكذا حتى فرغوا من الأحاديث المائة، والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه، فلما علم أنهم فرغوا التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول، فهو كذا، وحديثك الثاني كذا، وهكذا إلى آخر الأحاديث المائة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل (١).

[حكم القلب]

لا يخلو القلب إما أن يكون عن قصد أو عن غفلة وغير قصد.

فإن كان عن قصد، فلا يخلو إما أن يكون للإغراب، فلا شك في أنه لا يجوز، وإما أن يكون للاختبار فقد فعله كثير من المحدثين مما يدل على


(١) انظر: تاريخ بغداد ٢/ ٢٠ - ٢١، البداية والنهاية ١١/ ٣٠، هدي الساري ص ٤٨٦، تدريب الراوي ص ١٩٢ - ١٩٣.

<<  <   >  >>