للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكم الاحتجاج بالضعيف في المغازي والسير، وهل يلزم نقد الأخبار التاريخية؟]

تسامح كثير من الأئمة في رواية بعض أخبار السيرة النبوية استنادا لما شاع عن بعض كبار الأئمة كالإِمام أحمد حيث يقول: ابن إسحاق رجل تكتب عنه هذه الأحاديث -يعني: المغازي ونحوها- وإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا، وقبض أصابع يديه الأربعة (١).

وعلى ضوء هذا التسامح جاء بعض أخبار السيرة غريبا في أسلوب قد لا يثبت عند التحقيق، وقد كان بعض الناس يستثيرهم كل غريب وعجيب، وكانوا يميلون إلى المبالغة والتهويل، مما أدى بكثير منهم إلى حشو الأخبار العجيبة والأمور الغريبة (٢)، مما جعل كثيرا من العلماء لا يثق بجل ما ينقله المؤرخون، ومن هنا نادى كثير من المحققين قديما وحديثا بضرورة تنقيح السيرة النبوية والتاريخ الإِسلامي بصفة عامة، وإخضاعهما إلى معايير النقد، وموازين الجرح والتعديل عند أهل الحديث، فيثبت ما كان مقبولا لدى المحدثين، وينفي ما عداه من ضعيف أو موضوع.


(١) انظر: عيون الأثر لابن سيد الناس ١/ ١٢.
(٢) من ذلك قصص الأنبياء للثعلبي المسمى عرائس المجالس، وفتوح الشام للواقدي، وسيرة البكري التي أفتى ابن حجر الهيتمي وجلال الدين السيوطي بأنه لا تجوز قراءتها لأن غالبها باطل وكذب، وقد اختلط فحرم الكل حيث لا يتميز.
انظر: الفتاوى الحديثية ص ١٣٨، الحاوي للفتاوى ١/ ٥٧١.

<<  <   >  >>