للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين حصروا العلوم في الحواس، وهذا مذهب باطل، لأنه لا يختلف اثنان في وجود بلدة تسمى بغداد، وإن لم يدخلاها، ولا يشك أحد في وجود الأنبياء، بل في وجود الأئمة الأربعة رحمهم الله (١).

وقد نبه الله سبحانه وتعالى في مواضع من كتابه على إفادة التواتر العلم اليقين حيث جعله بمنزلة الرؤية البصرية، فخاطب رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو المؤمنين أو غيرهم بأمثال قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (٢). وقوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (٣). وقوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ ... } الآية (٤). فإن هذه الوقائع كانت معلومة عندهم بالتواتر، فعبر عن علمها برؤيتها، وفيه إشارة إلى أنه جعل العلم الحاصل من التواتر بمنزلة المشاهد في القطعية (٥).

[القسم الثاني: الآحاد.]

تعريفه: هو ما قصر عن صفة التواتر، ولم يقع به العلم وإن روته الجماعة (٦).

فهو شامل لما رواه الواحد والاثنان والثلاثة وغيرها من الأعداد التي لا


(١) انظر: المستصفى للغزالي ص ١٥٦، ١٦٥.
(٢) الآية ١ من سورة الفيل.
(٣) الآية ٦ من سورة الفجر.
(٤) الآية ٦ من سورة الأنعام.
(٥) مقدمة فتح الملهم شرح صحيح مسلم ص ١١.
(٦) الكفاية للخطيب البغدادي ص ٥٠، وفيه ولم يقطع وأثبت المحقق في الهامش ولم يقع عن نسخة أخرى، ولعلها أولى.

<<  <   >  >>