للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن شدة تحري الإمام البخاري الدقة في هذا المجال وخوفه من نسبة ما لم يقله الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليه نجده يسوق بعض الأحاديث الصحيحة مصدرة بصيغة التضعيف.

ومثال ذلك: قوله: ويذكر عن عبد الله بن السائب (١): "قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- (المؤمنون) في الصبح حتى إِذا جاء ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع" (٢).

وهو حديث صحيح وصله مسلم في صحيحه، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (٣).

فينبغي على طالب العلم الاقتداء بهؤلاء الأئمة في دقة التعبير والخوف من القول على الله ورسوله بغير علم، والله المستعان.

[تزييف ورع الموسوسين في المتفق على ضعفه]

ليس من الورع اجتناب بعض الأفعال أو المأكولات أو غيرها خشية أن تكون محرمة أو مكروهة لمجرد ورود حديث متفق على ضعفه فيها، فإن هذا ليس من الورع أبدا، إنما هو وسواس مذموم قد يفضي بصاحبه إلى التزمت والتضييق على نفسه ومشادة الدين الذي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يسر،


(١) هو: عبد الله بن السائب بن أبي السائب صيفي بن عابد القرشي المخزومي القارئ المكي، توفي قبل إمارة ابن الزبير بيسير، وصلى عليه ابن عباس، له رؤية وصحبة كأبيه.
انظر: تجريد أسماء الصحابة للذهبي ١/ ٣١٣، الإصابة لابن حجر ٤/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) البخاري ٢/ ٢٥٥ مع الفتح.
(٣) صحيح مسلم ٤/ ١٧٧ مع النووي، سنن أبي داود رقم ٦٤٩، النسائي ٢/ ١٣٧، ابن ماجه رقم ٨٢٠.

<<  <   >  >>