للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه (١).

ومثال ذلك: ترك الطيبات من الأطعمة لورود حديث: "احرموا أنفسكم طيب الطعام، فإنما قوى الشيطان أن يجري في العروق به". وهو حديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (٢)، ولو لم يكن فيه إلا مخالفة قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (٣). لكان كافيا في رده.

وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه: (باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات) (٤).

قال الحافظ ابن حجر في شرحه: غرض المصنف هنا بيان ورع الموسوسين، كمن يمتنع من أكل الصيد خشية أن يكون الصيد كان لإنسان، ثم أفلت منه، وكمن يترك شراء ما يحتاج إليه من مجهول لا يدري أماله حلال أم حوام، وليس هناك علامة تدل على الثاني، وكمن يترك تناول الشيء لخبر ورد فيه متفق على ضعفه وعدم الاحتجاج به، ويكون دليل إباحته قويا، وتأويله ممتنع أو مستبعد (٥).

وقد قسم الغزالي الورع إلى أقسام:


(١) رواه البخاري ١/ ٩٣ مع الفتح، النسائي ٨/ ١٠٦.
(٢) انظر: الموضوعات لابن الجوزي ٣/ ٣٠، وقال: هذا حديث موضوع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمتهم به بزيع، قال أحمد: أحاديثه مناكير لا يتابعه عليها أحد، وقال الدارقطني: هو متروك وانظر: اللآلئ المصنوعة ٢/ ٢٤٧، تنزيه الشريعة ٢/ ٢٤٠.
(٣) الآية ١٧٢ من سورة البقرة.
(٤) صحيح البخاري ٤/ ٢٩٤ مع الفتح.
(٥) فتح الباري ٤/ ٢٩٥.

<<  <   >  >>