للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن التدليس إيهام سماع ما لم يسمع، وليس في الإرسال إيهام، فلو بين المدلس أنه لم يسمع الحديث من الذي دلسه عنه، لصار الحديث مرسلًا لا مدلسا (١).

ما يعرف به الإِرسال الخفي:

يعرف خفي الإرسال، بأمور: -

أحدها: أن ينص بعض الأئمة على عدم اللقاء بين الراوي وشيخه، أو يعرف ذلك بوجه صحيح (٢).

الثاني: أن ينص إمام على عدم سماع المحدث عن ذلك الشيخ مطلقًا، كأحاديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود (٣) عن أبيه، وكقول


= رقم (٢)، شرح النخبة ص ٧٢.
(١) الكفاية للخطيب البغدادي ص ٥١٠.
(٢) يمثل كثير ممن كتب في علوم الحديث على هذا بما رواه ابن ماجة من رواية عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رحم الله حارس الحرس". رواه ابن ماجة برقم ٢٧٦٩. وقالوا: إن عمر بن عبد العزيز لم يلق عقبة كما نص على ذلك المزي في تحفة الأشراف ٧/ ٣١٤، والحافظ العراقي في شرح ألفيته ٢/ ٣٠٧.
وعندي: أن في التمثيل بهذا الحديث للمرسل الخفي نظرًا لعدم المعاصرة المقتضية لخفاء الإرسال، بل فيه انقطاع ظاهر، لأن عمر بن عبد العزيز لم يعاصر عقبة؛ إذ أنه -رضي الله عنه- ولد سنة إحدى وستين أو ثلاث وستين وعقبة توفي سنة ثمان وخمسين على الصحيح. انظر لذلك: تاريخ خليفة بن خياط ص ٢٢٥، والاستيعاب لابن عبد البر ٣/ ١٠٧٣.
(٣) هو: أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته، والأشهر أنه لا اسم له غيرها، ويقال: اسمه عامر، كوفي ثقة، من كبار الثالثة، والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه، مات بعد سنة ثمانين.
انظر: تقريب التهذيب ٢/ ٤٤٨.

<<  <   >  >>