للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك بأن يكون غلط الراوي أكثر من صوابه، أو يتساويان، أما إذا كان الغلط قليلا، فإنه لا يؤثر، إذ لا يخلو الإنسان من الغلط والنسيان، روى الخطيب البغدادي بسنده عن سفيان الثوري أنه قال: ليس يكاد يفلت من الغلط أحد، إذا كان الغالب علي الرجل الحفظ، فهو حافظ، وإن غلط، وإن كان الغالب عليه الغلط ترك (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وأما الغلط، فلا يسلم منه أكثر الناس، بل في الصحابة (٢) من قد يغلط أحيانا، وفيمن بعدهم (٣).

وإذا كثر غلط الراوي، ترك حديثه، روى الخطيب البغدادي عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان لا يترك حديث رجل إلا رجلا متهما


(١) الكفاية ص ٢٢٧ - ٢٢٨، شرح علل الترمذي لابن رجب ١/ ١١٠ بتحقيق الدكتور/ نور الدين عتر.
(٢) وقد وهمت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- جماعة من الصحابة في رواياتهم للحديث، وقد جمع الزركشي في ذلك كتابا سماه "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" وهو مطبوع بتحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، وجمع السيوطي كتابه "عين الإصابة" وهو مطبوع في الهند.
كما وهم سعيد بن المسيب ابن عباس في قوله: "تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم-ميمونة وهو محرم". انظر: سنن أبي داود رقم ١٨٤٥.
وحديث ابن عباس هذا: رواه البخاري ٤/ ٥١ مع الفتح ومسلم ٩/ ١٩٦ مع النووي، وأبو داود رقم ١٨٤٤، والترمذي رقم ٨٤٢، والنسائي ٥/ ١٩١ - ١٩٢، وابن ماجة رقم ١٩٦٥.
والصواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوجها وهو حلال، لأنه ورد من رواية ميمونة نفسها، كما في صحيح مسلم ٩/ ١٩٦ - ١٩٧ مع النووي، وأبو داود رقم ١٨٤٣، والترمذي رقم ٨٤٥، وأحمد ٦/ ٣٣٣، ٣٣٥، وابن ماجة رقم ١٩٦٤.
كما ورد من رواية أبي رافع عند الترمذي رقم ٨٤١، وهو السفير بينها وبين النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>