للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحتجون بالحديث الضعيف (١)، فيه نظر، إذ تقدم ذكر من لا يرى الاحتجاج بالضعيف في الأحكام فقط، أو مطلقًا وهم كثر.

وأما قوله: وإن من الأحاديث التي أخذ بها الأئمة فيها الضعيف والمنكر والساقط، فحق لا مراء فيه، ومن طالع كتب الفقه عرف ذلك (٢)، ولم يسلم من هذا حتى كبار فقهاء الأمة، فقد وقع للإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله- في كتابه "الرسالة" مستدلا محتجا بحديث: "أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله" (٣).

قال النووي: أسانيد هذا الحديث ضعيفة (٤).

وأما قوله: بأن هذا مذهبهم، فجميعهم يأخذ بالحديث الضعيف فغير صحيح، لأن مجرد استدلالهم بأحاديث ضعيفة لا يلزم منه أنهم يحتجون بها، لأنه يلزم على قوله أنهم يحتجون بالأحاديث الموضوعة لوجودها في كتب الفقه.

فمثلا: هذا الإمام الكمال بن الهمام ذكر في كتابه "شرح فتح القدير" (٥) حديث: "ناكح اليد ملعون". وقد نص الملا علي القاري بأنه لا أصل


(١) انظر: ص ٢٦٠، ٢٦١ من هذه الرسالة.
(٢) سوف أذكر بعض الأمثلة على اشتمال كتب الفقه على الأحاديث الضعيفة عند الكلام على مظان الحديت الضعيف في الباب الثالث إن شاء الله.
(٣) انظر: الرسالة للإمام الشافعي ص ٢٨٦، اختلاف الحديث له المطبوع مع الأم ٨/ ٥٢٢ - ٥٢٣، والحديث أخرجه الترمذي رقم ١٧٢، الحاكم ١/ ١٨٩ بلفظ: "خير الأعمال الصلاة في أول وقتها"، الدارقطني ١/ ٢٤٩، البيهقي ١/ ٤٣٥.
(٤) المجموع شرح المهذب ٣/ ٦٢.
(٥) شرح فتح القدير ٢/ ٣٣٠.

<<  <   >  >>