للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمثبت مقدم على النافي.

وإذا قيل: يجوز في ناقل النزاع أن يكون قد غلط فيما أثبته من الخلاف، إما لضعف الإسناد، أو لعدم الدلالة، قيل له: ونافي النزاع غلطه أجوز، فإنه قد يكون في المسألة أقوال لم تبلغه، أو بلغته وظن ضعف إسنادها، وكانت صحيحة عند غيره، أو ظن عدم الدلالة وكانت دالة، فكل ما يجوز على المثبت من الغلط يجوز على النافي، مع زيادة عدم العلم بالخلاف (١).

٢ - أن النووي متساهل في نقل الإجماع، فكثيرًا ما ينقل الإجماع على مسألة: الخلاف فيها مشهور، بل قد يكون قد نقله بنفسه، من ذلك ما يلي:

أ - نقل الإجماع على عدم وجوب شيء من رفع اليدين في الصلاة (٢)، ثم لم يلبث أن نقض هذا الإجماع بعد أسطر، فقال: حكي عن داود إيجابه عند تكبيرة الإحرام، وبهذا قال الإمام أبو الحسن أحمد بن سيار السياري (٣) من أصحابنا أصحاب الوجوه (٤).

ب - نقل الإجماع على أن صلاة الجنازة لا تكره في الأوقات الثلاثة -حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٩/ ٢٧١.
(٢) انظر: شرح النووي على مسلم ٤/ ٩٥، وانظر: شرح المهذب ٣/ ٣٠٥.
(٣) هو: أحمد بن سيار بن أيوب أبو الحسن المروزي الزاهد الحافظ، أحد الأعلام، كان يشبه بابن المبارك في الزهد والورع، توفي سنة ثمان وستين ومائتين.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/ ١٨٣.
(٤) انظر: شرح مسلم للنووي ٤/ ٩٥، تهذيب الأسماء واللغات له ١/ ١/ ١١٣.

<<  <   >  >>