للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (١). وقال جل ثناؤه: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية (٢). وقال عز وجل: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الآية (٣). فدل بما ذكرنا من هذه الآي أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول، وأن شهادة غير العدل مردودة، والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه (٤) فقد يجتمعان في أعظم معانيهما إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم، ودلت السنة على نفي رواية المنكر من الأخبار كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق، وهو الأثر المشهور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" (٥) (٦).

ولئن كان هذا ما يراه الإِمام مسلم فإن جمهور العلماء من المحدثين وغيرهم أجازوا رواية ما سوى الموضوع، وما يقاربه من غير بيان ضعفه، وذلك شريطة أن تكون في غير العقائد من أسماء الله وصفاته، وأحكام الحرام والحلال كأن تروى في الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ ونحو ذلك (٧).

قال ابن عبد البر: أهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل


(١) الآية ٦ من سورة الحجرات.
(٢) من الآية ٢٨٢ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٢ من سورة الطلاق.
(٤) انظر: بعض الفروق بين الشهادة والرواية في كتاب "الرسالة" للإمام الشافعي ص ٣٧٢ - ٣٩٣.
(٥) تقدم تخريجه ص ٢٦٩ من هذه الرسالة.
(٦) مقدمة صحيح مسلم ١/ ٦٠ - ٦٢ بشرح النووي.
(٧) انظر: علوم الحديث ص ٩٣، فتح المغيث ١/ ٢٦٧.

<<  <   >  >>