للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغالب أن مثل هؤلاء لا يروون إلا عن الصحابة، والصحابة عدالتهم معروفة، وإن رووا عن غير صحابي -وهذا نادر جدا- فإنهم لا يروون إلا عمن علموا عدالته، إذ العدالة هي الغالبة على معاصري الصحابة من التابعين، على أن أكثر ما رواه الصحابة عن التابعين- على قلته- ليس أحاديث مرفوعة، بل هو من أخبار الماضين والإسرائيليات، أو قصص للموعظة والاعتبار أو موقوفات (١).

وشذ قوم منهم الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني (٢)، فقالوا: مرسل الصحابي لا يقبل إلا إذا عرف بصريح خبره أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي، لأنه قد يروي عمن لم تثبت لنا صحبته (٣)، ونحو هذا القول لابن الأثير في جامع الأصول (٤).

لكن هذا رأي مرجوح مردود لم يعتد به العلماء من المحدثين، فلم يعدوا مرسل الصحابي من المرسل، لأنه في حكم الموصول، قال ابن الصلاح: ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابي، مثل ما يرويه ابن عباس، وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يسمعوه منه، لأنه ذلك في حكم الموصول


(١) تدريب الراوي للسيوطي ص ١٢٦.
(٢) هو: إبراهيم بن محمد الإسفرائيني الشافعي صاحب الاجتهاد والورع والعلوم الشرعية والعقلية واللغوية، أقام بالعراق مدة ثم انتقل إلى إسفرائين، فدخل عليه أهل نيسابور ونقلوه إليها، ودرس فيها إلى أن مات مشة ثمان عشرة وأربعمائة.
انظر: طبقات الشافعية لابن هداية الله ص ١٣٥ - ١٣٦.
(٣) انظر: المجموع ١/ ٦٢، روضة الناظر ص ١١٢، فتح الباري ٧/ ٤.
(٤) انظر: جامع الأصول ١/ ١١٨ - ١١٩.

<<  <   >  >>