للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعلَّ الباعثَ لهم على إخراجِ هذه الصورة مِن الجوازِ؛ خشيةَ أنْ يظنَّ أحدٌ جوازَها؛ لأنَّها تلفيقٌ، وأنَّ أصحاب هذا القول لم ينصوا على منعِها، فمَنَعُوها خشيةً مِنْ ذلك.

خامسًا: مَنْ جوَّزَ التلفيق بشرطين:

الشرط الأول: أنْ لا يكون الباعثُ عليه الهوى وتتبع الرخص.

الشرط الثاني: أنْ يكون غير مقصود.

فإنَّ الشرط الثاني - فيما يظهر - يغني عن الشرط الأولِ؛ لأنَّ الأولَ لا يَقَعُ إلا عن قصدٍ.

• نوع الخلاف:

الخلافُ بين الأقوالِ خلافٌ معنوي، وقد ذَكَرَ جمالُ الدّينِ الإسنوي (١) أثرَه في مسألة: إذا تزوج شخصٌ بلا وليّ؛ أخذًا بمذهبِ الإمامِ أبي حنيفةَ، وبلا شهودٍ؛ أخذًا بمذهبِ الإمامِ مالكٍ، ووطئ، فهلْ يُقام عليه الحدُّ؟

مَنْ مَنَعَ التلفيقَ قال بإقامةِ الحدِّ عليه؛ لأنَّ الإمامين اتفقا على بطلانِ النكاحِ، ومَنْ جوّزَ التلفيقَ لم يُقِم الحدَّ عليه.

• سبب الخلاف:

يظهرُ لي مِنْ خلالِ تتبع المسألةِ بأقوالِها وأدلتِها أنَّ للخلافِ عدَّةَ أسباب، وأهمها صحة ادِّعاء اتفاقِ الإمامين على القولِ ببطلانِ ما صَدَرَ عن الملفّقِ.

فإنْ قلنا: إنَّ الإمامين اتفقا على القولِ ببطلانِ ما صَدَرَ عن الملفِّقِ، منعنا التلفيقَ، وهذا ما ذَهَبَ إليه أصحابُ القولِ الأولِ.


(١) انظر: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول (ص/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>