للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حادي عشر: يدخلُ في حديثي في هذا المبحثِ ما إذا استقرَّ المذهبُ على خلافِ الدليلِ، سواءٌ استقر على قولِ الإمامِ، أم لا.

ثاني عشر: ذكرتُ في صدرِ المبحثِ أنَّ أيَّ مذهبٍ لا يخلو عن مخالفةٍ للدليل، ولذا أحببتُ ذكرَ مثالٍ مِنْ كلِّ مذهبٍ خالفَ فيه الدليلَ:

المثال الأول: ذَهَبَ الإمامُ أبو حنيفةَ وأصحابُه إلى عدمِ الحكمِ بشاهدٍ ويمينٍ (١).

وقد ثَبَتَ الحديثُ بالحكمِ بهما في حديثِ عبدِ الله بنِ عباسٍ - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمينٍ وشاهدٍ (٢).

المثال الثاني: ذَهَبَ الإمامُ مالكٌ إلى عدمِ مشروعيةِ صيامِ ستةِ أيامٍ مِنْ شوال (٣).

وقد ثَبَتَ الحديثُ باستحبابِ صومِها في قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ صامَ رمضان، ثمَّ أتبعه ستًا مِنْ شوال كان كصيامِ الدهرِ) (٤).

المثال الثالث: ذهبت الشافعيةُ (٥)، والحنفيةُ (٦) إلى نجاسةِ أبوالِ الإبلِ وما يُؤكلُ لحمُه.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للجصاص (٣/ ٣٤٢)، وروؤس المسائل للزمخشري (ص/ ٥٣٥)، وبدائع الصنائع للكاساني (٦/ ٢٢٥).
(٢) أخرج الحديث: مسلم في: صحيحه، كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد (٢/ ٨١٨)، برقم (١٧١٢).
وللاستزادة من الأحاديث الواردة في القضاء بشاهد ويمين، انظر: الطرق الحكمية لابن القيم (١/ ١٦٨ وما بعدها).
(٣) انظر: موطأ الإمام مالك (١/ ٤١٧).
(٤) أخرج الحديث: مسلم في: صحيحه، كتاب: الصيام، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا لرمضان (١/ ٥٢١)، برقم (١١٦٤) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -.
(٥) انظر: حية العلماء للقفال الشاشي (١/ ٣٠٦)، والمجموع شرح المهذب للنووي (٢/ ٥٤٨).
(٦) انظر: تبيين الحقائق للزيلعي (١/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>