للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيفَ يقولُ قولًا فاسدًا يلبِّس فيه على الناسِ؟ !

وإنْ كان يجهلُ صحةَ القولينِ، فلا يحلُّ له أنْ يحكيَهما؛ لقولِه تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (١).

وهو في هذه الحالِ غيرُ عالمٍ بحكمِ المسألةِ، فليسَ له قولٌ أصلًا، فكيفَ يُقالُ: له فيها قولانِ؟ !

فلم يبقَ إلا أنَّ القولَ بالقولينِ باطلٌ (٢).

الدليل الرابع: قياسُ أقوالِ إمامِ المذهبِ على نصوصِ الشارعِ، فكما أنَّه لا يمكنُ للشارعِ أنْ يقولَ في مسألةٍ واحدةٍ في وقتٍ واحدٍ قولين متنافيين، فكذلك إمامُ المذهبِ لا يجوزُ له ذلك؛ لأنَّه تناقضٌ (٣).

ويتصلُ بالقسمِ الأول (أنْ يقولَ إمامُ المذهبِ بقولين مختلفين في مسألةٍ واحدةٍ، في وقتٍ واحدٍ) الإشارةُ إلى ما ذَكَرَه علماءُ الشافعيةِ في الجوابِ عمَّا نُقِلَ عن الإمام الشافعي مِنْ قولِه في بعضِ المسائل: فيها قولانِ، فقد ذكروا أجوبةً متعددةً، وأفاضوا في ذكرِها، وردُّوا الاعتراضات الواردة عليهم (٤)، ولم يخلُ الحديثُ في المسألةِ من الوقيعةِ في بعضِ


= وقد صحح الحديثَ: الذهبيُّ في: الكبائر (ص/ ٢٨٧)، والزبيديُّ في: إتحاف السادة المتقين (١/ ١٠٩)، والألبانيُّ في تعليقه على السنن في المواضع السابقة.
وقال ابنُ كثير في: تفسيره (١/ ٤٧٦) عن الحديث: "وقد وَرَدَ الحديثُ في: المسند، مِنْ طُرُقٍ يَشدُّ بعضها بعضًا".
وقال عنه ابنُ حجر في: القول المسدد (ص/ ٤٥): "إنْ لم يكن في نهاية الصحة فهو صالح للحجة".
(١) من الآية (٣٦) من سورة الإسراء.
(٢) انظر: العدة (٥/ ١٦١٣ - ١٦١٤)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٦٠)، وروضة الناظر (٣/ ١٠٠٥ - ١٠٠٦)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٢)، والاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ ٢٤٢).
(٣) انظر: تحرير المقال للدكتور عياض السلمي (ص/٧٣).
(٤) لعلماء الشافعية في الدفاع عن الإمام الشافعي عدة مؤلفات، منها:
١ - رسالة بعنوان: (نصرة القولين) لأبي العباس بن القاص. =

<<  <  ج: ص:  >  >>