للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسة: يدخلُ في حديثي في هذه المسألةِ ما إذا كانَ قولُ المجتهدِ منقولًا عنه بلفظِه، أو دوَّنه في كتابِه، أو نسبه إليه أحدُ أصحابِه، فقد يتعارضُ ما خطَّه الإمامُ في كتبِه، مع ما نَسَبَه إليه أحدُ أربابِ مذهبِه.

السادسة: لهذه المسألةِ حديثٌ تقعيديٌ - وهذا محلُّ حديثي - وحديثٌ مذهبي، فقد تقرِّر بعضُ المذاهبِ ضوابطَ مذهبيةٍ في الترجيحِ عند اختلافِ الأقوالِ في المذهبِ - كالترجيحِ باختيارِ الشيوخِ أو تقديمِ الكتبِ، ونحوِهما - وهذا خارجٌ عن حديثي؛ لخصوصيةِ كلِّ مذهبٍ على حدةِ.

ولعدمِ اطرادِ الضوابطِ المذهبيةِ في جميعِ المسائلِ مِنْ جهةٍ أخرى (١)؛ لكونِها أغلبية.

السابعة: محلُّ حديثي هنا عن الترجيحِ بين أقوالِ إمامِ المذهبِ فحسب، ويُلحقُ به أصحابه الذين بلغوا رتبةَ الاجتهادِ، أو قاربوها، بحيثُ يكون لأقوالِهم مزيةٌ في المذهبِ.

الثامنة: يستوي في الحديثِ في المسألةِ ما إذا وَرَدَ عن إمامِ المذهبِ قولانِ متنافيانِ، أو إذا بيَّن أنَّ المسألةَ خلافيةٌ.

التاسعة: متى ما قيلَ بالترجيحِ بين أقوالِ إمامِ المذهب، فإنَّ مِنْ شرطِ المرجِّحِ أنْ يكونَ أهلًا للترجيحِ في مذهبِ إمامِه (٢)؛ فلَيسَ بإمكانِ كلِّ متمذهبٍ أنْ يرجِّحَ بين أقوالِ إمامِه.

فإنْ لم يكن المتمذهبُ أهلًا للترجيحِ، فعليه الرجوعُ إلى المتأهلين له في مذهبِه، أو إلى كتبهم (٣)، ولعل هذا يقودني إلى الإشارةِ إلى صعوبةِ قيامِ


(١) انظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٧)، والإنصاف (١/ ٥٠)، والمدخل المفصَّل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ٢٩٦).
(٢) انظر: شرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ٥٨)، والمعيار المعرب للونشريسي (١٠/ ٤٦).
(٣) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٢٣ - ١٢٤)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ٥٨)، والمدخل المفصَّل إلى فقه الإمام أحمد (١/ ٣٠٤)، وأصول الإفتاء للعثماني (ص/ ٢٩١) مع شرحه المصباح في رسم المفتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>