للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق الرابع: إذا تعارضَ قولٌ لإمامِ المذهبِ مع قولٍ آخر، وعُلِمَ القولُ المتأخرُ منهما، فالمتقدِّمُ مرجوعٌ عنه، وقد سَبَقَ الحديثُ عن هذا في المبحثِ السابقِ.

الطريق الخامس: إذا أفتى إمامُ المذهبِ بحكمٍ، واعترضَ عليه أحدٌ، فسَكَتَ، فهل يُعَدُّ سكوتُه حينئذٍ رجوعًا عن قولِه؟

وقد سبقَ الحديثُ عن هذا الطريق في مسألة: (نسبة القول إلى إمام المذهب عن طريق السكوت).

ولم أقفْ على مَنْ تحدث عن هذا الطريقِ عند غيرِ الحنابلةِ، فيما رجعتُ إليه من مصادر.

والطرقُ السابقةُ متفاوتةٌ في بيانِ القولِ المرجوعِ عنه؛ فلا يستوي الطريقُ الأولُ مع بقيتها.

يقولُ الطوفي عن درجةِ تصحيحاتِ علماءِ الحنابلةِ: "لكنَّ هؤلاءِ بالغين ما بَلَغُوا لا يحصلُ الوثوقُ مِنْ تصحيحِهم لمذهبِ أحمدَ كما يحصلُ مِنْ تصحيحِه هو لمذهبِه قطعًا" (١).

ومحلُّ الحديثِ في هذا المبحثِ عند غيرِ القائلينِ بنسبةِ القولين: المتقدِّم منهما والمتأخر إلى إمامِ المذهبِ؛ لأنَّ الآخذَ بالقولِ المتقدِّمِ عندهم آخذٌ بقولِ الإمامِ الذي تصحُّ نسبتُه إليه، ويجوزُ العمل به (٢).

إذا ثَبَتَ عند المتمذهبِ رجوعُ إمامِه عن قولِه، فهلْ يسوغُ للمتمذهبِ أنْ يأخذَ قولَ إمامِه حينئذٍ؟

لا يخلو الأمرُ عن حالتين:

الحالة الأولى: أنْ تكونَ المسالةُ بعدَ رجوعِ الأمامِ عن قولِه وفاقيةً.


(١) شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٧).
(٢) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٤٤)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٦٢٥)، والإنصاف (١/ ١٠)، والمصقول في علم الأصول للكوبي (ص/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>