الحالة الثانية: أنْ تكونَ المسألةُ بعد رجوعِ الإمامِ عن قولِه خلافيةً.
الحالة الأولى: أنْ تكون المسألةُ بعد رجوعِ الإمامِ عن قولِه وفاقيةً.
إذا قالَ إمامُ المذهب قولًا انفردَ به عن بقيةِ علماءِ عصرِه، واستقرَّ خلافُهم، ثمَّ رَجَعَ عن قولَه، فهل للمتمذهبِ أنْ يأخذَ قولَ إمامِه في هذه الحالةِ؟
الذي يظهرُ هو عدمُ جوازِ أخذِ قولِ الإمامِ المرجوعِ عنه؛ وذلك للآتي:
الأول: أنَّ الإجماعَ ينعقدُ في هذه الحالةِ في مذهبِ جمهورِ العلماءِ (١)، ولا يسوغُ الأخذُ بقولِ مخالفِ للإجماعِ.
الثاني: أنَّ الآخذَ بالقولِ المرجوعِ عنه في هذه الحالة آخذٌ بقولٍ لا قائلَ به.
الثالث: ذَهَبَ كثيرٌ مِنْ أهلِ العلمِ إلى المنعِ مِن الأخذِ بغيرِ المذاهب الأربعة - كما سبقت الإشارة إليه مِنْ قبل - والآخذُ بالقولِ الذي رَجَعَ عنه إمامُ مذهبِه آخذٌ بقولٍ خارجٍ عن المذاهبِ الأربعةِ.
الرابع: لا يصدقُ على الآخذِ بالقولِ المرجوعِ عنه في هذه الحالة أنَّه متمذهبٌ بمذهبِ إمامِه، ولا مقلِّدٌ لغيرِه.
وهنا تنبيه، وهو: إذا تحقّقَ للمتمذهبِ وصفُ الاجتهادِ المطلقِ، أو
(١) انظر مسألة: (اتفاق أهل العصر على قولٍ واحدٍ بعد اختلافهم) في: العدة (٤/ ١١١١)، والبرهان (١/ ٤٥٣)، والمنخول (ص / ٣٢١)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (٤/ ١٤٥)، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٧٨)، ومختصر منتهى السول لابن الحاجب (١/ ٤٩٧)، وشرح تنقيح الفصول (ص/ ٣٢٨)، وشرح مختصر الروضة (٣/ ٩٧)، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٤٣)، ورفع الحاجب (٢/ ٢٥٤)، والإبهاج في شرح المنهاج (٥/ ٢١٠٤)، والبحر المحيط (٤/ ٥٣٠)، وتشنيف المسامع (٣/ ١١٨)، والتحبير (٤/ ١٦٦٠)، وشرح الكوكب المنير (٢/ ٢٧٦).