للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحُّ، وعليه الفتوى، إلا في نحوِ عشرين مسألةً - أو أكثر - يُفْتَى فيها على القديمِ" (١).

ويقولُ أيضًا: "في هذا - أيْ: في الفتوى بالقولِ القديمِ - إشعارٌ بأنَّ عليه الفتوى، فصاروا - أيْ: أئمة الشافعية - إلى ذلك في ذلك مع أنَّ القديمَ لم يبقَ قولًا للشافعي؛ لرجوعِه عنه، فيكون اختيارُهم إذنْ للقديمِ فيها مِنْ قبيلِ ما ذكرناه مِن اختيارِ أحدِهم مذهب غيرِ الشافعي إذا أدّاه اجتهادُه إليه ... بلْ أَوْلَى؛ لكونِ القديمِ قد كان قولًا له منصوصًا" (٢).

وقد تبع ابنُ حمدان ابنَ الصلاح فيما قرره آنفًا (٣).

ويقولُ محيي الدين النووي: "ثمَّ إنَّ أصحابَنا أفتوا بهذه المسائلِ مِن القديمِ، مع أنَّ الشافعيَّ رَجَعَ عنه، فلم يبقَ مذهبًا له ... فإذا عَلِمْتَ حالَ القديمِ، ووجدنا أصحابَنا أفتوا بهذه المسائل على القديمِ، حملنا ذلك على أنَّه أدّاهم اجتهادُهم إلى القديمِ؛ لظهورِ دليلِه، وهُمْ مجتهدون أفتوا به، ولا يلزمُ مِن ذلك نسبتُه إلى الشافعي، ولم يقلْ أحدٌ مِن المتقدمين في هذه المسائل: إنَّها مِن مذهبِ الشافعي" (٤).

فما صححّه أئمةُ المذهبِ مِنْ أقوالِ إمامِهم التي رَجَعَ عنها، لا تُنسبُ إليه (٥)، لكنَّها مِن المذهبِ باعتبارِ تصحيحِ أصحابِه لها.

* * *


(١) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٢٨).
(٢) المصدر السابق (ص/ ١٢٩ - ١٣٠). وانظر: إعلام الموقعين (٦/ ١٦٩).
(٣) انظر: صفة الفتوى (ص/ ٤٣ - ٤٤).
(٤) المجموع شرح المهذب (١/ ٦٧).
(٥) انظر: الاستغناء في الفرق والاستثناء للبكري (١/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>