للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ جمالُ الدين الإِسنوي: "في الإِفتاءِ بقولِه - أيْ: بقول المجتهد - خلافٌ ينبني على جوازِ تقليدِه" (١).

فمَنْ قال: يجوزُ تقليدُ الميتِ، جوَّز للمتمذهبِ - إِمَّا مطلقًا، وإِمَّا لمجتهدِ المذهبِ - الإِفتاءَ بمذهبِه.

ومَنْ قالَ: لا يجوزُ تقليدُ الميتِ، مَنَعَ المتمذهبَ مِن الإِفتاءِ بمذهبِ إِمامه؛ لأنَّه ميتٌ.

السبب الثاني: أتعدُّ الفتيا الصادرة عن المتمذهبِ قولًا له، أم قولًا لإِمامِه؟ (٢).

إِنْ قلنا: تعدُّ الفتيا الصادرة عن المتمذهبِ قولًا له، لم نجوِّزْ له الإِفتاءَ؛ لأنَّه غيرُ مجتهدٍ، وهذا ما ذَهَبَ إِليه أصحابُ القولِ الأولِ.

وإنْ قلنا: تعدُّ الفتيا الصادرة عن المتمذهب قولًا لإِمامِه، جوَّزنا له الإِفتاءَ؛ لأنَّه أفتى بقولِ مجتهدٍ، وهذا ما ذَهَبَ إِليه أصحابُ القولِ الثاني، والقولِ الثالث.

وقبلَ الانتقالِ إِلى المطلبِ الثاني، أرى مِن المهمِّ الحديثُ عن مسألةٍ متصلةٍ بمسألةِ: (إفتاء المتمذهب بمذهبه)، وهي: هل للمتمذهبِ أن يفتي بقولٍ ضعيفٍ في مذهبِه؟

وقبل الحديثِ عن الإِفتاءِ بالقولِ الضعيفِ في المذهبِ، أُحِبُّ أنْ أشيرَ إِلى الأمورِ الآتيةِ:

الأمر الأول: مَن مَنَعَ الإِفتاءَ بالمذهبِ وبقولِ إِمامِه الثابتِ عنه، فإِنَّه يمنعُ الإِفتاءَ بالقولِ الضعيفِ في المذهبِ مِنْ بابٍ أولى.


(١) نهاية السول (٤/ ٥٨٣). وانظر: الإِبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٩٤٥)، وتحفة المسؤول للرهوني (٤/ ٢٩٩)، وشرح المنهج المنتخب للمنجور (ص/ ٦٢٣).
(٢) انظر: سلاسل الذهب (ص / ٤٥٧)، والبحر المحيط (٦/ ٢٧٥، ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>