للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: ليس مرادي بالقولِ الضعيفِ هنا القولَ المرجوحَ مِنْ حيثُ الدليلُ، بل المراد القولُ المضعَّفُ في المذهب أيًا كانتْ درجةُ قوتِه مِنْ حيثُ الدليلُ (١).

الأمر الثالث: تتفاوتْ درجةُ ضعفِ القولِ في المذهبِ، فقد يكون القولُ بالغَ الضعفِ في المذهب (٢) بحيثُ يكون نفيُه عن الذهبِ أقربَ مِنْ نسبتِه إِليه، وقد يكون ضعيفًا ضعفًا يسيرًا، كبعضِ الوجوهِ والطرقِ.

ولذا لا بُدَّ مِنْ ثبوتِ نسبةِ القولِ الضعيفِ إِلى المذهب (٣)، فلو بيَّنَ محققو المذهب عدمَ صحةِ نسبةِ القولِ الضعيفِ إِلى مذهبِهَم أصلًا، وأن نسبتَه غلطٌ عليه، لما ساغَ الإِفتاءُ به (٤).

ولشهابِ الدينِ القرافي كلامٌ جيّدٌ في موضوعِ التَّثَبّت في نسبةِ القولِ إِلى المذهبِ، يقولُ فيه: "ينبغي أنْ يُحْذَرَ ممَّا وَقَعَ في زمانِنا مِنْ تساهلِ بعضِ الفقهاءِ بالفتوى مِن الكتب الغريبةِ التي ليس فيها روايةٌ عن المجتهدِ بالسندِ الصحيحِ، ولا قامَ مقامَ ذلك شهرةٌ عظيمةٌ تمنعُ مِنْ التصحيفِ والتحريفِ بسببِ الشهرةِ.

وبالغَ بعضهم في التساهلِ حتى صارَ إِذا وَجَدَ حاشيةً على كتابٍ أفتى بها! وهذا عدمُ دينٍ، وبُعْدٌ شديدٌ عن القواعدِ" (٥).

الأمر الرابع: يُعْرَفُ ضعفُ القولِ في المذهب بأقوالِ محققيه، وأهلِ الترجيحِ فيه، وبمصطلحاتِ نقلِه الدالةِ على درجةِ القَولِ (٦).


(١) انظر: صناعة الفتوى لابن بيه (ص/ ١١٦).
(٢) انظر: الفوائد المكية للسقاف (ص/ ٦٤ - ٦٥).
(٣) انظر: مطالب أولي النهى للرحيباني (٦/ ٤٤٧)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٥٩٣)، وأصول الفتوى والقضاء للدكتور محمد رياض (ص/٥٤٧).
(٤) انظر: الفوائد المكية للسقاف (ص/ ٦٥).
(٥) نفائس الأصول (٩/ ٤١١١). وانظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١١٥ - ١١٦)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١/ ٢٠)، والفوائد المكية للسقاف (ص/ ٦٩).
(٦) انظر: أصول الإِفتاء للعثماني (ص/٣٢٨) مع شرحه المصباح في رسم المفتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>