للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أنَّ عملَ المتمذهب في هذه الحالةِ يحتاجُ إِلى فَهْمِ كلامِ إِمامِه في الفرعِ المنصوصِ عليه على الصوابِ، ومِنْ ثَمَّ التخريجُ والقياسُ عليه: فإِنَّ مِن المتعيِّن عليه معرفةَ أصولِ الفقهِ (١)، وأهمُّ مباحثِه: القياسُ ومسائله (٢)؛ لئلا يَقَعَ المتمذهبُ في الخطأِ، كانْ يقيسَ النازلةَ على فرعٍ مع وجودِ الفارقِ بينهما (٣).

يقولُ شهابُ الدين القرافي: "لا يجوزُ التخريجُ حينئذٍ إِلَّا لمن هو عالمٌ بتفاصيلِ أحوالِ الأقيسةِ والعللِ، ورُتَب المصالح، وشروط القواعدِ، وما يصلحُ أنْ يكونَ معارضًا، وما لا يصلحُ، وهذا لا يعرفُه إِلَّا مَنْ عَرَفَ أصولَ الفقهِ معرفةً حسنةً" (٤).

ونصَّ القرافيُّ على أن مَنْ لم يحطْ بمداركِ إِمامِه وأدلتِه وأقيستِه وعللِه الَّتي اعتمدَ عليها مفصَّلةً، ورُتَبِ العلل: فليس له التخريجُ على فروعِ إِمامِه (٥).

يقولُ ابنُ الصلاحِ: "فالمجتهدُ في مذهبِ الشَّافعي - مثلًا - المحيطُ بقواعدِ مذهبِه، المتدرِّب في مقاييسِه وسُبُل تصرفاته، متنزِّلٌ ... في الإِلحاق بمنصوصاتِه وقواعد مذهبِه منزلةَ المجتهدِ المستقلِّ في إِلحاقِه ما لم ينصَّ عليه الشارعُ بما نصَّ عليه" (٦).


(١) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٥)، والمجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٤٣)، وصفة الفتوى (ص/ ٢١)، ومواهب الجليل للحطاب (٦/ ٩٦)، ومنهج الخلاف للدكتور عبد الحميد عشاق (١/ ٣٨١).
(٢) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٥)، والفروق للقرافي (٢/ ٢٠٠، ٢٠٣)، ومواهب الجليل للحطاب (٦/ ٩٦)، ومنهج الخلاف للدكتور عبد الحميد عشاق (١/ ٣٨١).
(٣) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٧)، والفروق للقرافي (٢/ ٢٠١)، وصفة الفتوى (ص/ ٢١)، وترتيب فروق القرافي للبقوري (ص/ ٢٢٦)، والمسودة (٢/ ٩٦٨).
(٤) الفروق (٢/ ٢٠٢).
(٥) انظر: المصدر السابق (٢/ ٢٠٠)، وترتيب فروق القرافي للبقوري (ص/ ٢٢٥).
(٦) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٦). وانظر: صفة الفتوى (ص / ١٩ - ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>