للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بُدَّ للمتمذهب إِذا أراد تخريجَ حُكْمِ النازلةِ على فروعِ المذهبِ أنْ يكونَ شديدَ الاستحضارَ للقواعدِ المذهبيةِ والإِجماعيةِ (١).

وتخريجُ حكمِ النازلةِ على فروعِ المذهب دونَ مراعاةٍ لأصولِه وقواعدِه مظنةٌ للخروجِ بحكمِ النازلةِ عمَّا تقتضيه أصولُ المذهبِ (٢).

وقد ذكرتُ في المبحثِ الأولِ ما أشارَ إِليه شهابُ الدين القرافي مِنْ أنَّ بعضَ المخرِّجين في مذهب الإِمامِ مالك وغيرِه مِن المذاهبِ لم يسلموا مِن الوقوعِ في الخطأِ في التخرَيجِ (٣).

وإِذا أَشْبَهَت النازلةُ أكثرَ مِنْ فرعٍ ألحقها المتمذهبُ بالفرعِ الأقرب شَبَهًا، كما إِذا أَشْبَهَت النازلةُ أكثرَ مِنْ أصلٍ ألحاقها بأكثرِ الأصولِ شَبَهًا (٤).

وقد ظَهَرَ لي مِنْ خلالِ تأمّلِ عددٍ مِن المواطنِ الَّتي كَشَفَ المتمذهبون فيها عنْ حكمِ النازلةِ، أنَّ تخريجَهم حكم النازلةِ على الفروعِ أكثرُ مِن تخريجهم حكمها على أصولِ المذهبِ.

وفي كلامٍ لابنِ الصلاحِ يشيرُ فيه إِلى تقديمِ التخريجِ على فروعٍ المذهبِ على التخريجِ على أصوله، يقولُ: "تخريجه - أي: المخرِّج - تارة يكونُ مِنْ نصٍّ معيِّنٍ لإِمامِه في مسألةٍ معينةٍ، وتارةً لا يجد لإِمامِه نصًّا معينًا يخرِّجُ منه، فيخرِّج على وفقِ أصولِه" (٥).


(١) انظر: الإِحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي (ص/ ٢٤٣)، ومواهب الجليل للحطاب (٦/ ٩٢)، ومنار أصول الفتيا للقاني (ص/ ٣٢٨)، والمدرسة المالكية العراقية للدكتور عبد الفتاح الزنيفي (١/ ٥٨٢) ضمن بحوث الملتقى الأول للقاضي عبد الوهاب المالكي.
(٢) انظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض (٨/ ١٠٩)، ومواهب الجليل للحطاب (٦/ ٩٤)، ونشر البنود (٢/ ٣٣٤).
(٣) انظر: الفروق (١/ ٣١٦).
(٤) انظر: ابن حنبل - حياته وعصره لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٢١).
(٥) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٧). وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٤٣ - ٤٤)، وصفة الفتوى (ص / ٢٠)، والمسودة (٢/ ٩٦٧ - ٩٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>