للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان لهذه المناظراتِ تأثيرٌ في حيويةِ الفقهِ، وغزارةِ مسائلِه (١)، وإِظهارِ الفروقِ بين ما تشابَه مِنْ مسائلِه الَّتي تختلفُ أحكامُها، وتقييدِ بعضِ الأقوالِ المذهبيةِ أو تخصيصِها (٢).

يقولُ بدرُ الدّينِ الزركشي عن أحدِ أنواعِ الفقهِ: "معرفةُ الجمع والفرقِ، وعليه جلُّ مناظراتِ السلفِ، حتى قالَ بعضُهم: الفقهُ: فرقٌ وجمعٌ" (٣).

وقد أسهم المتمذهبون في تأصيلِ علمِ الجَدَلِ، وفصّلوا القولَ في مسائلِه، وفي الاعتراضاتِ الموجهةِ إِلى الأدلةِ، وبِمَ يكون الانقطاع؟ بأمرين:

الأمر الأول: ما بثَّه العلماءُ في مؤلفاتِهم الأصوليةِ مِنْ حديثٍ عن الجدلِ، وعن الاعتراضاتِ الواردة على الأدلةِ (٤).

الأمر الثاني: ما ألّفه العلمَاءُ مِنْ مدوَّناتٍ في آداب المناظرةِ، وعِلم الجدلِ، والاعتراضاتِ على الأدلةِ (٥).

وأسهمَ المتناظرون في مناظراتِهم في بيانِ مآخذِ الأئمةِ، وتحريرِ


(١) انظر: الفقه الإسلامي ومدارسه لمصطفى الزرقا (ص/ ١٥٠).
(٢) انظر: المدخل في الفقه الإِسلامي للدكتور محمد شلبي (ص/ ١٤٥).
(٣) المنثور في القواعد (١/ ٦٩). وانظر: عَلَم الجذل للطوفي (ص/ ٧١).
(٤) لا تخلو أكثر الكتب الأصولية من الحديث عن مسألة: (قوادح القياس)، وهناك من تحدث عن الجدل في كتابه الأصولي، وممن ضمَّن كتابه الأصولي حديثًا عن الجدل ومسائلِه: القاضي أبو يعلى في: العدة (١/ ١٨٤)، و (٥/ ١٥٣٥ - ١٥٣٦)، وأبو الخطاب في: التمهيد في أصول الفقه (١/ ٥٨)، وابنُ عقيل الحنبلي في: الواضح في أصول الفقه (١/ ٢٩٨ - ٤٣٢)، وابنُ مفلح في: أصول الفقه (٣/ ١٤١٧ - ١٤٢٨)، وأبو الحسن المرداوي في: التحبير (٧/ ٣٦٩٤ - ٣٧٣٦).
(٥) يقول إِمام الحرمين الجويني في فاتحة كتابه: الكافية في الجدل (ص/ ١): "سألتَ - وفقك الله لطلبِ الحسنات، وأعانك على سبيل الخيرات - أنْ أجمع طَرَفًا من الكلام في النظر لا يُستغنى عنه في مناظرة أهل الزمان ... ". وانظر: مقدمة ابن خلدون (٣/ ١٠٦٨)، وتاريخ الجدل لمحمد أبو زهرة (ص/ ٢٩٩)، وآداب البحث والمناظرة للشنقيطي (ص/ ٣ - ٤)، وآثار اختلاف الفقهاء لأحمد الأنصاري (ص/ ٢٣٥)، وتاريخ التشريع الإِسلامي لمحمد الخضري (ص/ ٣٣٤)، والمدخل للفقه الإِسلامي للدكتور حسن الشاذلي (ص / ٣١٢ - ٣١٣)، وبلوغ =

<<  <  ج: ص:  >  >>