للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقوالِ الشاذّةِ الصادرةِ مِنْ بعضِ أتباعِ مذاهبِهم (١).

وجُمْلةُ القولِ: إنَّ المتمذهبَ بمذهبٍ فقهي متبوعٍ سيتجنبُ في مُجْمَلِ أحوالِه وأقوالِه الأقوالَ الشاذّةَ التي قام الدليلُ على ردِّها.

وإذا كان غيرُ المتمذهب بأحدِ المذاهبِ المتبوعةِ قد استقلَّ بنفسِه، وألمَّ بعلومِ الاجتهادِ، فسيكونَ عرضةً لاختيارِ الأقوالِ المهجورةِ والشاذة، وقد يقعُ في مخالفةِ الإجماعِ في بعضِ أقوالِه.

ويرى الناظرُ في أحوالِ بعضِ الخارجين عن المذاهب الفقهيةِ اختياراتٍ في الفقهِ ليس لها مستندٌ وجيةٌ، بلْ وصفها بالشذوذِ ليَس ببعيدٍ، سواءٌ أكانت اختياراتُهم في المسائلِ التي تكلّمَ فيها العلماءُ مِنْ قبلُ، أم كانتْ في المسائلِ النازلةِ (٢).

ولابنِ وهب المصري كلمةٌ جليلةُ القدرِ تبيّنُ مكانةَ أقوالِ الأئمةِ، يقولُ فيها: "كلُّ صاحب حديثٍ ليس له إمامٌ في الفقهِ، فهو ضالٌّ! ولولا أنَّ الله أنقذنا بمالكٍ والليثِ لضللنا! " (٣).

وقد بيَّنَ تقيُّ الدين بنُ تيميةَ أنَّ لابنِ حزمٍ - مع سعةِ علمِه وتبحره - أقوالًا منكرةً وشاذةً يعجبُ منها الناظرُ (٤).

ولعلَّ سببَ وقوعِ ابنِ حزمٍ في مثلِ هذه الأقوال هو سيرُه على أصولِ الظاهريةِ التي لا تخلو مِنْ ضعفٍ.


(١) انظر على سبيل المثال: بداية المجتهد لابن رشد (٢/ ٦١١)، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٥/ ٥٨)، و (٧/ ٧٧).
(٢) انظر: منهج المدرسة العقلية الحديثة للدكتور فهد الرومي (ص/ ٧٥٢)، والعصرانيون لمحمد الناصر (ص/ ٢٥٧ وما بعدها).
(٣) نقل كلمةَ ابن وهب ابنُ أبي زيد القيرواني في: الجامع في السنن والآداب (ص/ ١٥١).
وانظر: بلوغ السول لمحمد مخلوف (ص/ ١٢٨).
(٤) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٤/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>