للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقِّ، أنْ يعرفَ أولاهم - أي: أولى المذاهب - بالتقليدِ؛ ليعتمدَ على مذهبِه، ويسلكَ في التفقّه سبيلَه" (١).

وكذلك الأمرُ بالنسبةِ إلى أصولِ الفقهِ، فقد جعلوا الحديثَ عن مسائلِه مترابطًا، بحيثُ إذا أنهى الطالبُ كتابًا في أصولِ فقهِ مذهبهِ حَصَلَ له إلمامٌ ومعرفةٌ بمسائلِ هذا العلمِ.

ويتأكّدُ هذا الأمرُ إذا عَرَفْنا حرصَ علماءِ المذهبِ على تنويعِ الكتابةِ في علمي: الفقه وأصوله؛ ليتمكنَ الطالبُ مِن التّرقي في دراستِهما، بدءًا بالكتبِ المختصرةِ، وانتهاءً بالكتبِ المبسوطةِ التي تُعْنَى بذكرِ الأقوالِ والتوسعِ في الاستدلالِ (٢)، إضافةً إلى خدمةِ المعتنين بعلمِ الحديثِ بالتصنيفِ في أدلةِ مذهبِهم.

يقولُ أبو شامةَ المقدسي: "كان العلماءُ مِنْ قدماءِ أصحابِنا يعتنون بمختصرِ المزني - رحمه الله - حفظًا وشرحًا، وبسببِه سهلَ تحصيلُ مذهبِ الشافعي - رحمه الله - على طلابِه في ذلك الزمان ... وانتفعَ به أئمةٌ أكابر، وتخرَّجَ به المشايخُ، وتفقّه به معظمُ الأصحابِ" (٣).

ولشمسِ الدين الذهبي نصيحةٌ وجهها لمنْ يريدُ التفقهَ، يقول فيها: "شأنُ الطالبِ أنْ يدرسَ مصنَّفًا في الفقهِ، فإذا حَفِظَه بَحَثَه، وطالعَ الشروحَ.

فإنْ كانَ ذكيًّا، فقيهَ النفسِ، ورأى حُجَجَ الأئمةِ، فليراقب الله، وليحتطْ لدينِه" (٤).

فدراسةُ الفقهِ وأصولِه عبرَ مذهبٍ مِن المذاهبِ الفقهيةِ المتبوعةِ


(١) الديباج المذهب (١/ ٦٣).
(٢) انظر: (ص/ ١٢٧٤)، وخطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول لأبي شامة (ص/ ١٣٨)، ومقدمة المعتني بكتاب الفكر السامي لمحمد الحجوي (١/ ٤)، والطريق إلى الفقه للدكتور حمد الشتوي (ص/ ٣٥).
(٣) خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول (ص/ ١٣٧).
(٤) سير أعلام النبلاء (٨/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>