للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه لا يَحْصُل مع دراسةِ الفقهِ عن هذا الطريقِ حصرُ المسائلِ، وتقييدُ أحوالِها، وما يتصل بها من تقسيمات، ونحو ذلك (١).

ومِنْ جهةٍ أخرى: فإنَّ كثيرًا مِنْ شراحِ كتب الحديثِ قد أخذوا الأحكامَ المبثوثةَ في شروحِهم مِنْ مذاهبِهم الفقهية (٢).

وأيضًا: فإنَّ المتّبعَ لهذا الطريقِ سيفوته كثيرٌ مِن المسائل التي لم يذكرْها شراحُ الحديثِ، إمَّا لعدمِ مناسبةِ ذكرِها، وإمَّا طلبًا للاختصارِ.

يقولُ الشيخ محمدٌ مخلوف: "إنْ قال قائل: أَمَا نكتفي بكتبِ الحديثِ وشروحِها، وقد تضمنتْ فروعَ الفقهِ؟ فما الحاجةُ إلى كتبِ الفروعِ؟

قلنا له: ذلك حَسَنٌ، لو أنَّ كتبَ الحديثِ وشروحه متضمّنةٌ لفروعِ الفقهِ على وجهٍ فيه الكفايةُ، وليس كذلك؛ إذ أهلُ الحديثِ لم يُعْنَوا في بيانِ أحاديثِ الأحكامِ بما عُنِيَ به الفقهاءُ مِنْ بذلِ مجهودِهم في شرحِ تلك الأحاديثِ بالنظرِ الأصولي في المآخذِ الشرعيةِ - كتابًا وسنةً - نَظَرًا جاريًا على ما تقتضيه قوانينُ الاجتهادِ ... ولو أنَّ شارحًا مْنِ شُرّاحِ الحديثِ نَظَرَ في متنِه حَسبَ ما تقتضيه علومُ اللغةِ العربيةِ، وأَخَذَ منه حُكمًا شرعيًا، ولم يكن مِن المجتهدين: لا يُعوَّل على أَخْذِه، إلا إذا رَجَعَ إلى كتب الفقهِ؛ ليَعْلَمَ منها ما في هذا الحديثِ مِن الموافقةِ أو المخالفةِ لقواعد الشرَيعةِ" (٣).

الطريق الثاني: دراسةُ الفقهِ عن طريقِ التفقه على كتبِ الفقهِ للمستقلين عن المذاهب الفقهية.

قد يرغبُ بعضُ الطلاب بدراسةِ الفقه متحررًا مِنْ قيودِ المذاهبِ الفقهيةِ، فيقعُ اختيارُهم على مؤلفاتِ بعضِ العلماء الذين استقلوا عن المذاهبِ المتبوعةِ، فلم ينتسبوا إلى واحدٍ منها.


(١) انظر: المصدر السابق (ص/ ٣٨).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) بلوغ السول (ص/ ١٢٩ - ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>