للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصلُ بممارستِه - أي: الفقه - الآن، فهو طريقٌ إليه" (١)، أيْ: إلى الاجتهادِ.

ويظهرُ أنَّ مرادَهما بالفقهِ والتفاريعِ الفقهُ المذهبيُّ مع معرفةِ الخلافِ بين الأئمةِ، وأدلةِ أقوالِهم.

ويقولُ شاه ولي الله الدهلوي عن حالِ المشتغل بالفقهِ الذي يريدُ معرفةَ أحكامِ المسائلِ مِنْ أدلتِها: "هذا أمرٌ جليلٌ، لا يتمّ له إلا بإمامِ يتأسى به، قد كُفِيَ معرفةَ فرشِ (٢) المسائلِ، وإيرادِ الدلائلِ في كلِّ باب بابٍ، فيستعين به في ذلك، ثمَّ يستقلّ بالنقدِ والترجيح، ولولا هذا الإمامُ صَعُبَ عليه، ولا معنى لارتكابِ أمرٍ صعبٍ مع إمكانِ الأمرِ السهلِ" (٣).

ويقولُ الشيخُ محمد العثيمين: "العلماءُ المحققون، كشيخِ الإسلامِ ابنِ تيمية وغيرِه هم مِنْ هذا النوعِ - أي: دَرَسَ مذهبًا، وانتفع بقواعدِه وضوابطِه، مع ردِّه إلى الكتاب والسنةِ - هم محققون، ولهم مذهبٌ معيَّنٌ، ولكنَّهم لا يخالفون الدليلَ إذا تبيّنَ لهم" (٤).

وليس مِنْ لازمِ التمذهبِ الوصولُ إلى درجةِ الاجتهادِ المطلقِ في الشريعةِ، بلْ لا يبعد القولُ: إنَّ كثيرًا مِن المتمذهبين في عقودٍ خلتْ لم يخطرْ بِبَالِ أحدِهم الوصولُ إلى درجةِ الاجتهادِ، فضلًا عن بلوغِ درجتِه.

يقولُ الحافظ ابنُ عبد البر: "مَن اقتصرَ على علمِ إمامٍ واحدٍ، وحَفِظَ ما كان عنده مِن السننِ، ووَقَفَ على غرضِه ومقصِده في الفتوى: حَصَلَ على


= البحرين، توفي سنة ٨٨٥ هـ تقريبًا، وقيل: ٨٠١ هـ ورجحه الزركلي. انظر ترجمته في: الضوء اللامع للسخاوي (٤/ ٣٢٩)، وشذرات الذهب لابن العماد (٩/ ٥١٢)، والفوائد البهية للكنوي (ص / ١٣٨)، والفتح المبين للمراغي (٣/ ٥٠)، والأعلام للزركلي (٤/ ٥٩).
(١) شرح ابن ملك على المنار (ص/ ٨٢٤).
(٢) الفَرْش: البسط. انظر: القاموس المحيط، مادة: (فرش)، (ص/ ٧٧٥).
(٣) الإنصاف في بيان سبب الخلاف (ص/٢٩).
(٤) العلم (ص/١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>