للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُؤكّدُ هذا الأمر: أنَّ في عناوين بعض كُتُب الأشباه والنظائر التنصيصَ على أنّها في دائرةِ المذهب (١)، أمَّا مَنْ لَم ينصَّ عليه، فإنَّ مضمونَ كتابِه شاهدٌ ناطقٌ على حصرِ مؤلِّفِه له في دائرةِ مذهبِه.

يقولُ ابنُ خَلدون: "لمَّا صارَ مذهبُ كلِّ إمامٍ عَلَمًا مخصوصًا عند أهلِ مذهبِه، ولم يكنْ لهم سبيلٌ إلى الاجتهادِ والقياسِ: احتاجوا إلى تنظيرِ المسائلِ في الإلحاقِ، وتفريقِها عند الاشتباه، بعد الاستنادِ إلى الأصولِ المقررة مِنْ مذهب إمامِهم، وصار ذلك كله يحتاجُ إلى مَلَكَةٍ راسخةٍ يُقْتَدَرُ بها على ذلك النوعِ مِن التنظيرِ أو التفرقةِ، واتِّباع مذهب إمامِهم فيهما ما استطاعوا" (٢).

ويقولُ الدكتورُ يعقوب الباحسين: "فمِثْلُ هذه الصور المتشابهة، ذات الأحكام المختلفة، أوجدَ الحاجةَ إلى بيانِ الفروقِ بين المسائلِ، توضيحًا وكشفًا عن معانيها، ودفعًا للالتباسِ، وما قد يساور بعضَهم مِنْ وجودِ التناقضِ بين فتاوى العلماءِ" (٣).

ومِن الطبعي أنْ يُعْنى أربابُ المذهبِ بما وَرَدَ عن إمامِهم مِن القولِ بحكمين مختلفين في مسألتين متشابهتين بالتوضيحِ والكشفِ عن المعنى المفرّقِ بينها.

وكان بدءُ التأليفِ في الفروقِ الفقهيةِ على أيدي علماءِ المذاهبِ (٤).


(١) من الكتب التي نصت على المذهب: (الأشباه والنظائر في الفروع والقواعد) لتاج الدين السبكي - وإن لم يكتب العنوان تامًّا على غلاف الطبعة، فقد ذكر في النسخة الخطية، كما في (ص/ م) - و (الأشباه والنظائر في قواعد وفروع الشافعية) لجلال الدين السيوطي.
(٢) مقدمة ابن خلدون (٣/ ١٠٥٥ - ١٠٥٦). وانظر: الفروق الفقهية والأصولية للدكتور يعقوب الباحسين (ص/٦٧).
(٣) الفروق الفقهية والأصولية (ص/ ٦٥).
(٤) للاطلاع على طائفة من المؤلفات في الفروق الفقهية، انظر: مقدمة تحقيق الاستغناء في الفرق والاستثناء للبكري (١/ ٧٨ - ٨٥)، ومقدمة تحقيق إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل للزَّريراني (١/ ٢٦ - ٤١)، ومقدمة تحقيق الفروق للسامري (١/ ١٢ - ١٩)، والفروق الفقهية والأصولية للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٦٨ - ٧٦، ٨٤ - ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>