للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ الدكتور يعقوب الباحسين: "من الملاحظِ أنَّ طائفةً مِنْ كتبِ الفروقِ كان الغرضُ مِنْ تأليفِها الدفاعَ عن المذهبِ، وإزالةَ ما يُرى فيه من تعارضٍ أو تناقضٍ ... " (١).

وحين قامَ بعضُ العلماءِ بالنقلِ والتخريجِ لما جاءَ عن أئمتهم مِن أحكامٍ مختلفةٍ في مسائل متشابهة، قام آخرون بالبحثِ عن الفارقِ المؤثرِ بين المسائل، وقد تقدمت لنا بعضُ الأمثلةِ لذلك.

ومِن الشواهد الدالةِ على الإسهامِ الجيّدِ للتمذهبِ في تشجيعِ الكتابةِ في الفروقِ الفقهيةِ: ما بيّنه أبو محمد الجويني في مقدمةِ كتابِه: (الجمع والفرق)، إذ رَسَمَ لمتمذهبي الشافعيةِ أحوالَ الفرقِ ومنازلَه، فجعلها ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أنْ يصادفَ المتمذهبُ مسألتين لم يختلف المذهبُ فيهما، ولا في واحدةٍ منهما، والصورةُ متشابهةٌ، والحكمانِ مختلفانِ، ولا بُدَّ مِنْ فرقٍ بينهما، ولا سبيلَ إلى تخريجِ جوابِ إحداهما مِن الأخرى (٢).

القسم الثاني: أنْ تجتمع مسألتان، والشافعي - رضي الله عنه - قطع قولَه بجوابٍ واحدٍ في إحداهما، وعلَّق قولَه في الأخرى، وامتنع أصحابُه مِنْ تخريجِ قولٍ في المسألةِ التي قَطَعَ قولَه بجواب فيها، فمسّت الحاجةُ إلى فرقٍ بين المسألتين؛ فعُلم أنَّ ذلك لمعنىً أوجبَ قَطْعَ القولِ في إحداهما، وتعليقَ القولِ في الأخرى (٣).

القسم الثالث: أنْ تجتمع مسألتانِ ذَكَرَ مشايخُ الشافعيةِ وجهين في إحداهما، وقطعوا القولَ في الأخرى، فهذا القسم على نوعين:

النوع الأول: أنْ يقوى كلُّ واحدٍ من الوجهين، فحكمُه حكم القسم الثاني.

النوع الثاني: أنْ يضعفَ أحدُ الوجهين، بدليلِ المسألة التي لم


(١) الفروق الفقهية والأصولية (ص/ ١٦٦).
(٢) انظر: الجمع والفرق (١/ ٣٩).
(٣) انظر: المصدر السابق (١/ ٣٩ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>