للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دوافعِ الكذبِ ودواعيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - عندَ بعضِ الناسِ، الرغبةَ في نُصْرَةِ المذهبِ.

يقولُ الشيخُ عبدُ الرحمنِ المعلميّ عنْ وضعِ الحديثِ لنصرةِ المذهبِ: "ومِنْ شأنِ الدجالين أنْ يركبَ أحدُهم للحديثِ الواحدِ عدةَ أسانيد؛ تغريرًا للجهال، وأنْ يضعَ أحدُهم فيسرق الآخرُ ويركب سندًا مِنْ عنده، ومنْ شأنِ الجهالِ المتعصبينَ أنْ يتقربوا بالوضعِ والسرقةِ وتركيب الأسانيد ... " (١).

وإنْ كان هذا الأمرُ في متعصبي الفِرَقِ العَقَدِية أظهرَ منه في متعصبي المذاهبِ الفقهيةِ (٢).

ومن الشواهدِ المؤلمةِ على هذا الأمرِ: ما جاءَ في ترجمةِ: أصبغَ بنِ خليلِ المالكي (٣) في كتاب: (تاريخ علماء الأندلس) (٤)، إذ وَرَدَ فيها أنَّه: "كان حافظًا للرأي على مذهب مالكٍ وأصحابِه، فقيهًا ... دارتْ الفتيا عليه في الأندلسِ خمسين عامًا ... ولم يكنْ له علمٌ بالحديثِ، ولا معرفة بطُرُقِه، بلْ كان يباعدُه، ويطعنُ على أصحابِه، وكان متعصبًا لرأي أصحابِ


(١) التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (١/ ٤٤٩).
(٢) انظر: المدخل لدراسة الفقه لمحمد حنفي (ص/ ٨٧)، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ ١١٠ - ١١١)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد الحصري (ص/ ١٢٨)، وتاريخ الفقه الإسلامي للدكتور أحمد حسين (ص/ ١١٨)، والجديد في تاريخ الفقه للدكتور محمد إمبابي (ص/ ٥٥)، وتاريخ التشريع للدكتور محمود عثمان (ص/ ١٦١)، ومدخل لدراسة الفقه لمحمد محجوبي (ص/ ٨٧ - ٨٨).
(٣) هو: أصبغ بن خليل، أبو القاسم القرطبي، كان من أعيان المذهب المالكي، حافظًا لمذهبه، فقيهًا في الشروط، بصيرًا في العقود، عارفًا بالوثائق، ولي قضاء بطليوس، وكان معاديًا للآثار، وليس له معرفة بالحديث، شديد التعصب لرأي مالك وأصحابه، حسن القياس والتمييز، توفي سنة ٢٧٣ هـ عن ثمانيةٍ وثمانين عامًا. انظر ترجمته في: جذوة المقتيس للحميدي (ص/ ٢٤٧)، وترتيب المدارك للقاضي عياض (٤/ ٢٠٥)، وبغية الملتمس للضبي (ص/ ٢١٩)، وسير أعلام النبلاء (١٣/ ٢٠٢)، وتاريخ الإسلام للذهبي (٦/ ٥١٩)، والديباج المذهب لابن فرحون (١/ ٣٠١)، وشجرة النور الزكية لمخلوف (١/ ٧٥).
(٤) (١/ ١٢٩ - ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>