للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٍ، ولابنِ القاسم مِنْ بينهم، وبَلَغَ به التعصبُ لأصحابِه أنَّ افتعلَ حديثًا في تركِ رفعِ اليدينِ في الصلاةِ بعد الإحرامِ، ووَقَفَ الناسُ على كذبِه ... ".

وقد نَقَلَ القاضي عياضٌ عن بعضِ المالكية (١) تفسيرًا لما صنعه أصبغُ، فقال: "إنَّ أصبغَ لم يقصد الكذبَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما ظَهَرَ له أنَّه يريدُ تأييدَ مذهبِه" (٢).

مثال لحديثٍ وُضِعَ في تفضيلِ بعض الأئمة، والتنقصِ مِنْ بعضِهم:

حديثُ أنس بن مالك - رضي الله عنه -: (يكون في أمتي رجلٌ، يقال له: محمد بنُ إدريس، أضرّ على أمتي مِنْ إبليس، ويكون في أمتي رجلٌ يقال له: أبو حنيفة، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي) (٣).

والذي يظهرُ لي أنَّ الواقعين في شَرَك الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - بُغْيةَ نصرةِ المذهبِ، قلةٌ قليلةٌ مِن المتمذهبين، ولعلَّ غالبهَم مِن الذين لم يفهموا ولم يتعلموا مِنْ علومِ الشريعةِ قدرًا كبيرًا (٤).


(١) هو: أحمد بن خالد بن يزيد القرطبي.
(٢) ترتيب المدارك (٤/ ٢٥٢).
(٣) أخرج الحديث: الجوزجاني في: الأباطيل والمناكير (١/ ٢٨٣)، برقم (٢٦٦)، وقال: "هذا حديثٌ موضوعٌ باطلٌ، لا أصل له من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أنس بن مالك حدّث به". وابن الجوزي في: الموضوعات (٢/ ٣٠٤)، برقم (٨٧٠)، وقال: "هذا حديثٌ موضوعٌ، لعن الله واضعه، وعليه اللعنة".
وانظر: كشف الخفاء للعجلوني (١/ ٣٣)، والفوائد المجموعة للشوكاني (ص/ ٢٤٠).
وللاطلاع على وضع بعض المتمذهبين للحديث بغية الثناء على إمامهم، انظر: التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل لعبد الرحمن المعلمي (١/ ٤٤٦).
وللاطلاع على تحريف بعض المتمذهبين للحديث بغية موافقة المذهب، انظر: تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء لبكر أبو زيد (ص/ ٢٥٢ وما بعدها) ضمن مجموع: الردود، وزوابع في وجه السنة لصلاح الدين مقبول (ص/ ٣٢٥ وما بعدها)، وكتب حذر منها العلماء لمشهور آل سلمان (١/ ١٦٥ وما بعدها).
(٤) ذكر أبو عبد الله القرطبي في: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي (١/ ١١٥) أنَّ من أرباب أهل الرأي مَنْ أجازَ نسبةَ الحُكمِ الذي دلَّ عليه القياسُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، =

<<  <  ج: ص:  >  >>