للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأخذون مِن الحجاجِ ما وافق مذهبَهم، وإنْ كان خبرًا موضوعًا" (١).

ويؤكّدُ ما تقدم آنفًا أمورٌ، منها:

- ما حكاه أبو بكرٍ البيهقي (ت: ٤٥٨ هـ) عن حالِ بعضِ الشافعيةِ في عصرِه، قائلًا: "رأيتُ المُحْدَثِين مِنْ أصحابِنا يُرْسِلُونَها - أي: الأخبار - في المسائلِ على ما يحضرُهم مِنْ ألفاظِها، مِنْ غيرِ تمييزٍ منهم بين صحيحِها، وسقيمِها ... " (٢)، إلى أنْ قالَ عنهم: "ولو عَرَفُوه - أي: علم الحديث - معرفتَهم - أيْ: معرفة متقدمي الشافعية بعلمِ الحديثِ - لميّزوا صحيحَ ما يوافقُ أقوالَهم مِنْ سقيمِه، ولأمسكوا عن كثيرٍ ممَّا يحتجّون به، وإنْ كان يطابقُ أقوالَهم، ولاقتدوا في تركِ الاحتجاجِ بروايةِ الضعفاءِ والمجهولين بإمامِهم" (٣).

- وما حكاه ابنُ الجوزي (ت: ٥٩٧ هـ) في فاتحةِ كتابِه: (التحقيق في أحاديث التعليق) (٤) عن بعضِ المتمذهبين في عصرِه، فقالَ: "لمَّا نظرتُ في التعاليقِ رأيتُ بضاعةَ أكثرِ الفقهاءِ في الحديثِ مزجاةً، يعوّل أكثرُهم على أحاديث لا تصحُّ".

- وما حكاه محيي الدين النووي (ت: ٦٧٦ هـ) في ديباجةِ كتابِه: (خلاصة الأحكام) (٥): "ولا تغترنَّ بكثرةِ المتساهلين في العملِ والاحتجاجِ في الأحكامِ بالأحاديثِ الضعيفةِ، وإنْ كانوا مصنّفِين وأئمة في الفقهِ، وقد أكثروا مِنْ ذلك في كتبِهم".

ويحكي أبو شامةَ المقدسي خللًا وقع فيه بعضُ الشافعيةِ، فيقول: "ما


(١) الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١١٧).
(٢) رسالة الإمام أبي بكر البيهقي إلى الإمام أبي محمد الجويني (ص/ ٤٦).
(٣) المصدر السابق.
(٤) (١/ ٢). وانظر: دلائل الأحكام لابن شداد (١/ ٦٧)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص / ٥٤١)، وتعليل الأحكام للدكتور محمد شلبي (ص / ٣٦٠).
(٥) (١/ ٥٩ - ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>