للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنظرِ: أكثرُهم لا يُعَرِّجون مِن الحديثِ إلا على أقلِّه، ولا يكاد يميزون صحيحَه مِنْ سقيمِه، ولا يعرفون جيّدَه مِنْ رديئِه" (١).

ويقولُ تقيُّ الدِّينِ بنُ تيميةَ: "وجمهورُ المتعصبينَ لا يعرفونَ مِن الكتابِ والسنةِ إلا ما شاء اللهُ، بلْ يتمسكونَ بأحاديث ضعيفة أو اراء فاسد" ... " (٢).

وإذا كان أربابُ المذهب يُعَنَوْنَ بتحققِ أقوالِ إمامِهم، فلا يقبلون نقلَ أيّ ناقلٍ عنه، فأَوْلى بهم أن يُوْلُوا حديثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - العنايةَ اللائقة؛ لئلا يقعوا في الاستدلالِ بما لا يصحُّ عنه - صلى الله عليه وسلم - (٣).

يقولُ الدكتورُ الصادقُ الغرياني عن بعضِ مؤلفاتِ علماءِ المالكيةِ: "إنَّك لتعجبُ حين ترى في الحواشي والشروحِ المتأخرةِ الاستشهادَ - على قِلَّتِه - بالواهي أو الموضوعِ، وبالألفاظِ التي لا تجدُ لها أصلًا في كتبِ الحديثِ" (٤).

ويصدقُ كلامُ الدكتور الصادق الغرياني على بقيةِ المذاهبِ، مع تفاوتٍ بينها في هذا الأمرِ قلةً وكثرةً.

وقد بيَّن أبو الوفاءِ بنُ عقيلٍ الحنبلي أنَّ مِنْ أرباب مذهبِه مَنْ يتبعُ المذهبَ بالعصبيةِ، ثمَّ يطلبون أدلةً عليه، وكما هو معلوم، فإنَّ صاحبَ العصبيةِ يأخذ بأيّ شيءٍ يتخيّله دليلًا لمذهبِه (٥).

ويقولُ ابنُ حزمٍ: "فإنَّهم - أيْ: أتباع الإمامِ أبي حنيفة والإمامِ مالكٍ -


(١) المصدر السابق (١/ ٧).
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥). وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي (١/ ١١٥).
(٣) انظر: المصدر السابق (١/ ٧ - ٩).
(٤) المتأخرون بين التجريد والتدليل، بحوث الملتقى الأول: القاضي عبد الوهاب المالكي (٦/ ٥٢٨).
(٥) انظر: أصول الفقه لابن مفلح (١٣/ ١٤٣)، والتحبير (٧/ ٣٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>