للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ بعد ذلك في العصورِ المتأخرةِ مَنْ أغلقَ بابَ الاجتهادِ، مكتفيًا باجتهادِ الأئمةِ السابقين" (١).

وينبغي التفريقُ بين الاجتهادِ المطلق المستقلّ، والاجتهادِ المطلق المنتسب:

فالاجتهادُ المطلقُ المستقلُّ طوي بساطُه، وأُغْلَق بابُه؛ لاستقرارِ الأصولِ التي سارَ عليها أئمةُ الاجتهادِ، فليس لأحدٍ أنْ يأتي بأصول مخترعةٍ لم يُسبق إليها (٢).

وفي هذا المقام يقولُ ابنُ الصلاح: "ومنذُ دهرِ طويلِ طوي بساطُ المفتي المستقل المطلقَ" (٣).

وقد نصَّ بدرُ الدين الزركشي على خلوِّ العصرِ عن المجتهدين المطلقين، ثمَّ نَقَلَ اتفاقَ المسلمين على انحصارِ الحقِّ في المذاهب المعروفةِ (٤)، ولعله يقصدُ الاجتهادَ المستقلَّ.

أمَّا الاجتهادُ المطلقُ المنتسبُ فلم يُغْلقْ بابُه، وإنْ ادّعى بعضُ الناس أنَّه مغلقٌ.

يقولُ ابنُ الصلاح: "وأفضى أمرُ الفتوى إلى الفقهاءِ المنتسبين إلى أئمةِ المذاهبِ المتبوعةِ" (٥).


(١) تاريخ المذاهب الإسلامية (ص/ ٣٠٣).
(٢) انظر: مجلة المنار (٤/ ٦٩٢)، وشرائط الاجتهاد بين النظرية والتطبيق المعاصر للدكتور عبد المعز حريز، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد: (٥٠)، (ص/ ٢٧٢)، والاجتهاد بين مسوغات الانقطاع وضوابط الاستمرار للدكتور محمد ابن الشيخ (ص/ ٤٣).
(٣) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩١). وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٤٣)، وأدب القضاء لابن أبي الدم (١/ ٢٧٩)، وصفة الفتوى لابن حمدان (ص/ ١٧)، والبحر المحيط (٦/ ٢٠٧)، والفتاوى الكبرى الفقهية للهيتمي (٤/ ٣٠٢)، وفواتح الرحموت (٢/ ٣٩٩)، وغاية الأماني للألوسي (١/ ٩٦)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص/ ٣٧٤)، ومجلة المنار (٤/ ٦٩٢)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (٤/ ٤٥٢)، وأصول الفقه الإسلامي للدكتور وهبة الزحيلي (٢/ ١٠٧١).
(٤) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٠٩).
(٥) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩١). وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٤٣)، وصفة الفتوى لابن حمدان (ص/ ١٧)، والإنصاف في بيان سبب الخلاف للدهلوي (ص/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>