للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولُ الشيخُ محمدٌ الباني مبيّنًا سببَ التعصبِ عند بعضِ فقهاءِ عصرِه: "وهذا ناشئٌ عن جفافِ علمِهم، وضعفِ عقولِهم" (١).

وقد بيّنَ الشيخُ محمدٌ الشوكاني أنَّه يغلبُ على مَنْ له اشتغالٌ بطلب العلمِ في مذهبِه، والاقتصار عليه، وعدم الالتفاتِ إلى ما سواه، وتركَ التحقيقِ في العلمِ، التعصب على العلماءِ الذين ينظرون في المسائلِ نَظَرَ المجتهدين (٢).

وإذا علمنا أنَّ مِنْ فقهاءِ أهلِ الرأي مَنْ أجازَ نسبةَ الحُكم الذي دلَّ عليه القياسُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول قالَ رسولُ لله - صلى الله عليه وسلم - كذا (٣) - فليسَ مِنْ ريبٍ في أنَّ الجهلَ أحدُ الأسبابِ الي أوقعتهم في مثلِ هذا الصنيعِ.

السبب الحادي عشر: الكسلُ والرغبة في الراحة (٤).

لا يستريبُ أحدٌ في أنَّ العلمَ الشرعي صعبُ المنالِ، ويحتاج إلى صبرٍ ومصابرةٍ، وليس بإمكانِ الإنسانِ أنْ يتعلمَ العلمَ إلا إذا جدَّ واجتهدَ، وكان في مزيدِ تعلّمِ في يومه وليلته، فيكونَ دائمًا في طلبِ الازديادِ منه (٥).

لكنَّ بعضَ المتمذهبين أرادَ أنْ يخلدَ إلى الراحةِ، وأنْ لا يكدَّ ذهنَه في العلمِ، ومعرفةِ الأقوالِ وأدلتِها، فاقتصرَ على مذهبِه تعلمًا وحفظًا، دونَ عنايةٍ بالأدلةِ والاستنباطِ منها، ومعرفةِ درجتها وصحتها.


(١) عمدة التحقيق (ص/ ٨٠).
(٢) انظر: القول المفيد في حكم التقليد (ص/ ١٢٩)، وأدب الطلب (ص/ ١١٩).
(٣) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي (١/ ١١٥)، والنكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي (٢/ ٢٨٥)، والنكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٨٥٢)، وفتح المغيث للسخاوي (٢/ ١٢٠)، والتنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل للمعلمي (١/ ٤٤٩).
(٤) انظر: تاريخ التشريع للدكتور عبد الله الطريقي (ص/ ٣٨٥)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور رمضان الشرنباصي (ص/ ٩٨)، والمدخل لدراسة الفقه للدكتور إبراهيم إبراهيم (ص/ ١٢٦).
(٥) انظر: خطبة الكتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول لأبي شامة (ص/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>