للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: أنَّ بعضَ الذين تلبسوا بالآثارِ السلبيةِ يصعبُ علاجُهم، وقد يكون رجوعهم إلى جادةِ الصواب مِنْ أبعدِ الأمورِ، إلا بتوفيقِ الله تعالى (١).

وبتأمَّل الآثارِ السابقةِ، وأسباب ظهورها، فإنَّني أقترح بعض الطرقِ التي أرى أنَّها تسهمُ في علاجِها.

الطريق الأول: الاهتمامُ بالكتب المذهبيةِ البعيدةِ عن التعصب المذهبي، والتي تُعْنَى بالاستدلالِ.

لم يبخلْ أربابُ المذاهبِ على مذاهبِهم بالتأليفِ فيها - كما سَبَقَ بيانُه - وقد تنوعتْ جهودُهم في خدمةِ مذاهبِهم، ولا يخلو مذهبٌ مِنْ وجودِ مؤلفاتٍ ومدوّناتٍ عُنيتْ وشحِنَتْ بالاستدلالِ للمذهب، وإظهارِ الصنعةِ الأصوليةِ.

إنَّ الاهتمامَ بأمثالِ هذه المؤلفاتِ مِنْ شأنِه أنْ يعوّدَ أربابَ المذهبِ وطلابَه على تطلّبِ الدليلِ، والبحثِ عنه، وتعظيمِه؛ ليكونَ الوقوفُ على دليلِ المذهبِ؛ للنَظرِ فيه قوةً وضعفًا مقصدًا للمتمذهبِ، كما يقصدُ معرفةَ أقوالِ إمامِه وما قرره محققو مذهبِه.

ومِنْ شأنِه - أيضًا - أنْ يُعودَ أربابَ المذهب على تطبيقِ القواعدِ الأصوليةِ (٢)، وعلى تركِ مذهبِهم في المسائل الَتي لم يقوَ فيها دليلُ المذهبِ.

وقد حثَّ أبو إسحاقَ الشاطبي المتعلمَ على الاعتمادِ على كتبِ المتقدمين، فقالَ: "أنْ يتحرى كتبَ المتقدمين مِنْ أهلِ العلمِ المراد؛ فإنَّهم


(١) انظر: أدب الطلب للشوكاني (ص/ ١١٩ - ١٢٠).
(٢) انظر: أليس الصبح بقريب لابن عاشور (ص/ ١٢٩)، وشرائط الاجتهاد بين النظرية والتطبيق المعاصر للدكتور عبد المعز حريز، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد: (٥٠)، (ص/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>