للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحقيقِ علم مِن العلومِ ينبغون فيه؛ لأنَّ الزمانَ أقصرُ مِن استيفاءِ حاجةِ كلِّ العلومِ، لاسيما مع اختلالِ التعليمِ، ولإهمالِ الناسِ هذا الصلاح وقفوا عند حدودِ الأولين، بلْ نقصوا عنهم؛ لأنَّ المتقدمين لم يكونوا يبرزون إلا في فنٍ واحدٍ، وهو الاختصاص؛ ولذا ظهرتْ فيهم أئمةٌ مشاهير" (١).

وألفتُ النظرَ إلى أنَّ بروزَ المتمذهب في الفقهِ على وجهِ الخصوصِ، وإبداعَه فيه موكولٌ إلى مهارتِه الأصوليةِ، وَمعرفته الدقيقة بعلمِ أصولِ الفقهِ.

الطريق السادس: العنايةُ بطرقِ التعليمِ.

إنَّ طرقَ التعليمِ متعددةٌ، وليست الأقطارُ على طريقٍ تعليميةٍ واحدةٍ، وكلٌّ يتبعُ ما يراه مفيدًا، وحسنُ اتخاذِ الطريقِ يؤدي إلى نتيجةِ أفضل؛ فإذا تعلمَ المتمذهبُ بالترقي في العلمِ (٢)، فَفَهِمَ مسائلَه، ثمّ اهتمَّ بالنظرِ في الأدلةِ وما يتصلُ بها، وتكونت لديه الملكةُ، بحيثُ يصبح بمقدورِه أنْ يفهمَ المسائلَ العويصةَ والمغلقةَ والمبهمةَ، ويوضحَها: فإنَّ هذا مِنْ شأنه أنْ يرسّخَ الطالبَ في المذهب، وأنْ يكون ذا دربةٍ للنظرِ في الأدلةِ والاستنباطِ منها (٣).

يقولُ الشيحُ محمدٌ الحجوي ناصحًا للأساتذةِ وشيوخِ الطلاب: "ليْتَنَا نمرّنُ طلبةَ الفقهِ على النظرِ في الآياتِ القرآنيةِ المتعلقةِ بالأحكامِ، وحَفظِها، وفهمِها فهمًا استقلاليًا يوافقُ ما كان يفهمه منها قريشٌ الذين نزَلَ بلغتِهم، وعلى النظرِ في السنةِ الصالحةِ للاستدلالِ، وحفظِها وإتقانِها، وفهمِها كذلك، ونمرنُهم على اللغةِ العربية، وأصولِ الفقه ... ولن يُصْلِحَ آخر هذه الأمة إلا ما صَلَحَ عليه أولُها" (٤).


(١) أليس الصبح بقريب (ص/١٧٨).
(٢) انظر: المصدر السابق (ص/ ١٢٧)، والتعليم والإرشاد لمحمد النعساني (ص/ ٢٠٤ وما بعدها، و ٢٢٠ وما بعدها).
(٣) انظر: مقدمة ابن خَلدون (٣/ ١٢٤٣)، والمدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا (١/ ٢٥١).
(٤) الفكر السامي (٤/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>