للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والضوابطِ مِنْ أهمِّ الأمورِ التي تُضْعِفُ مِنْ شأنِ مشروعِهم، فإذا لم يكنْ ثمة أصولٌ، فكيفَ تُعالجُ النوازل؟ ! وكيفَ يسيرُ أربابُ هذا المذهبِ في استنباطِ الأحكامِ مِنْ نصوصِ الكتابِ والسنةِ؟ !

الرابع: أنَّ معالجةَ التعصبِ والتفرقِ وآثارِ التمذهب السلبيةِ الأخرى بالدعوةِ إلى توحيدِ المذاهب، معالجةٌ غيرُ ناجعةٍ. والدلَيل على هذا: أنَّ لهذه الدعوةِ عقودًا متطاولةً وَهي قائمةٌ وموجودةٌ، فمِن استجابَ لها؟ ! وهل أَخَذَ علماءُ المجامعِ والهيئاتِ العلمية بالمشروعِ، فأصدروا أحكامًا للمسائل التي وَرَدَت فيها نصوصٌ غيرُ قاطعةٍ؟ !

ولما دعا الشيخُ محمدٌ الحجوي إلى تعويدِ الطلاب على النظرِ في نصوصِ الكتاب والسنةِ - كما تقدّمَ نقلُ كلامِه حينَ تكلّمتُ عنْ طرقِ علاجِ الآثارِ السلبية - خَتَمَ دعوتَه قائلًا: "وهذا العملُ أنجحُ مِن السعي في توحيدِ المذاهبِ" (١).

وقال - أيضًا -: "كنتُ لا أرتضي فكرةَ توحيدِ المذاهب؛ لأنَّها فكرةٌ لا نتيجةَ لها، ولا تفيدُ المجتمعَ الإسلاميَّ إلا شقاقًا آخر فقط! " (٢).

ثمَّ إنَّ إعراضَ علماءِ عصرِنا عن توحيدِ المذاهبِ دليلٌ على ضعفِ هذا العلاجِ لاجتثاثِ التعصبِ المذهبي المقيتِ.

الخامس: أنَّ في توحيدِ المذاهبِ الفقهيةِ في مذهبٍ واحدٍ، بحيثُ يسيرُ الناسُ كلُّهم على قولٍ واحدٍ، مشقةً عليهم؛ فليس بمقدورِهم أنْ يكونوا على قولٍ واحدٍ في جميعِ المسائلِ العَمَلية، فعدمُ توحيدِ المذاهبِ يدفعُ عن الناسِ مشقاتٍ عديدة يعرفُها أهلُ العلمِ الممارسون إفتاء الناسِ (٣).

بلْ إنَّ وجودَ الاختلافاتِ بين العلماءِ ممَّا يُمْكِنُ معه تحقيقُ اليُسْرِ على العلماءِ، بحيثُ لا يُضلَّل المخالفُ في المسائلِ الاجتهاديةِ.


(١) الفكر السامي (٤/ ٣٩٤).
(٢) المصدر السابق (٤/ ٤١٦).
(٣) انظر: فتاوى مصطفى الزرقا (ص/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>