للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أمرٌ يسهلُ تقريره نظريًا، لكن ما العمل إذا اجتمعوا، واختلفوا؟ ! بل إنَّ احتمالَ اختلافِهم أقربُ مِن احتمالِ اتفاقِهم، كما هو الشأنُ عادةً بين علماءِ المسلمين في المسائلِ الاجتهاديةِ، إذا كانوا مِنْ مذاهب فقهيةٍ مختلفةٍ.

ثالثًا: دعا المشروعُ إلى تركِ كلِّ رأي ظَهَرَ ضعفُه وبطلانُه، وهذا أمرٌ حسنٌ، لا أظن أحدًا يخالفُ فيه، لكنْ لم يُحَدّدْ في المشروعِ ضابطُ ضعفِ القولِ وبطلانِه.

رابعًا: اقترح صاحبُ المشروعِ تسمية مشروعِه بمذهبِ الكتابِ والسنةِ وجميعِ الأئمةِ، وهنا عدة أمورٍ:

الأمر الأول: إذا نَظَرَ علماءُ اللجنةِ في مسألةٍ، ورجّحوا قولَ الإمامِ مالكٍ، وتركوا قولَ الإمامِ أحمدَ مثلًا، فكيفَ يسمي المشروعُ المذهبَ كلَّه بمذهبِ جميعِ الأئمةِ، وقد خالفوا الإمامَ أحمدَ؟ !

وإذا نُظِرَ في مسألةٍ لم يُنْقَلْ فيها عن أحدِ الأئمةِ قولٌ أصلًا، فكيف يُنْسَبُ إليه ما اختارته اللجنةُ؟ ! فمعنى نسبةِ المذهبِ إلى جميعِ الأئمةِ أنَّ الأقوالَ التي تختارها اللجنةُ قد قالها الأئمةُ كلُّهم، واختاروها.

الأمر الثاني: في تسميةِ المشروعِ للمذهبِ الموحَّدِ بمذهب الكتابِ والسنةِ إشارةٌ إلى أنَّ ما عداه مِن المذاهبِ ليس كذلك، وهذا قدحٌ خفيٌ في المذاهبِ المتبوعة، غير مطابقٍ لواقعِها؛ إذ من أصولِها الاعتمادُ على دليلي: الكتابِ والسنةِ.

الأمر الثالث: قرَّرَ المشروعُ في المسائلِ التي يصعبُ فيها الترجيحُ، وتتساوى أدلتُها في القوةِ، جوازَ الأخذِ بأيِّ رأي منها، ويحسن تقديمُ ما يرجح مِنْ ناحيةِ المصلحةِ للمسلمين.

فهل يسمى هذا الرأي بمذهبِ الكتابِ والسنةِ وجميعِ الأئمة؟ !

الأمر الرابع: لم يدّعِ أحدٌ مِن الأئمةِ المجتهدين أنَّ ما قرره واختاره

<<  <  ج: ص:  >  >>