للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو مذهبُ الكتابِ والسنةِ، وإنَّما لسانُ حالِهم أنَّ ما اختاروه هو الأقربُ إلى دلالةِ الكتابِ والسنةِ، ولا سيما في المسائل التي تتجاذبها الأدلةُ.

ويدلُّ على عدمِ جواز ادِّعاءِ المجتهدِ أنَّ قولَه ورأيَه هو حكم الشرعِ أو حكم الله تعالى أمورٌ، منها:

- كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّر على جيشٍ أوصى الأميرَ فيما إذا أرادَ الكفارُ منه أنْ ينزلَهم على حكمِ الله، فقال: (إذا حاصرتَ أهلَ حصنٍ، فأرادوك أنْ تُنزِلَهم على حُكمِ الله، فلا تُنزِلْهم على حكمِ الله، ولكنْ أنزلهم على حكمِك؛ فإنَّك لا تدري أتصيبَ فيهم حكمَ الله، أم لا؟ ) (١).

- جاء عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - عدمُ نسبةِ آرائِهم إلى الله ورسولِه - صلى الله عليه وسلم -، فمن ذلك:

- لما كَتَبَ كاتبُ عمرَ بنِ الخطاب - رضي الله عنه - (هذا ما أرى اللهُ أميرَ المؤمنين عمر)، فانتهره عمر - رضي الله عنه -، وقالَ: (لا، بلْ اكتبْ هذا ما رأى عمرُ؛ فإنْ يكن صوابًا فمِن الله، وانْ يكن خطأ فمِنْ عمرَ) (٢).

خامسًا: لم يبيّن المشروعُ المنهجَ المتبعَ في دراسةِ النوازلِ والحوادثِ، وما العملُ إذا نَظَرَ علماءُ اللجنةِ في النازلةِ، واختلفوا؟

سادسًا: نفى الأستاذُ محمدٌ عباسي عن نفسِه أنَّه يدعو إلى إنشاءِ مذهب خامسٍ (٣)، وفي الحقيقةِ لا أرى المشروعَ المقترحَ منه إلا دعوةً إلى مذهبٍ خامسٍ؛ لأنَّ إلغاءَ المذاهبِ الأربعةِ أمرٌ غيرُ ممكنٌ، وقد دعا إلى توحيدها في مذهبٍ جديدٍ.


(١) هذا قطعة من حديث بريدة - رضي الله عنه -، وأخرجه: مسلم في: صحيحه، كتاب: الجهاد والسير، باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث (٢/ ٨٢٨)، برقم (١٧٣١).
(٢) أخرج أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: البيهقي في: السنن الكبرى، كتاب: آداب القاضي، باب: ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي (١٠/ ١١٦).
وقال ابن حجر في: التلخيص الحبير (٦/ ٣٢٠٢) عن الأثر: "إسناده صحيح".
(٣) انظر: بدعة التعصب المذهبي (ص/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>