بعد منتصفِ القرنِ الرابع عشر الهجري تقريبًا، وتَبِعَ ذلك وجودُ المجامعِ والمحافلِ العلميةِ التي تُمَارس الاجتهاد الجماعي، إضافةً إلى وجودِ الكتب المذهبيةِ بكافَّةِ ألوانِها مطبوعةً، مع خدمةِ عددٍ منها على أُسسٍ علميةٍ.
٥٢) وُجِدَ بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وفي القرنِ الخامس عشر الهجري عددٌ مِن العلماءِ الذين حاربوا التمذهبَ، وقد تباينوا في هذا الأمرِ، فمنهم مِنْ حارب التقليدَ المذهبيَّ، ومنهم من حارب التمذهبَ بصورةٍ عامةٍ.
٥٣) لمسألةِ:(تقليدِ المجتهدِ الميتِ) علاقةٌ واضحةٌ بمسألةِ: (حكم التمذهب)، وقد نصَّ بعضُ العلماءِ على تفريعِ مسألةِ حكم التمذهبِ على مسألةِ تقليدِ الميتِ.
٥٤) اختلف الأصوليون في مسألةِ:(تقليد المجتهد الميت) على أقوال عدة، وقد ظَهَرَ لي أنَّ القولَ الراجحَ في المسألةِ هو جواز تقليدِ المجتهدِ الميت.
٥٥) تحدثتُ عن مسألةِ:(التمذهب بمذهب الصحابي والتابعي)، وقد تبيّنَ لي مِنْ خلالِ النظرِ فيها، وتأمّلها أنَّ العلماءَ متفقون على عدمِ وجوبِ التمذهبِ بمذهبِ الصحابي والتابعي.
وتَرِدُ مسألةُ:(التمذهب بقول الصحابي) عند القائلين بعدمِ حجيةِ قولِ الصحابي.
٥٦) اختلف العلماءُ في مسألةِ:(التمذهب بمذهب الصحابي والتابعي) على قولين، ومِنْ أبرزِ الأدلةِ التي جاءتْ في سياقِ المسألةِ، وكان له مناقشاتٌ متعددةٌ، دليلُ الإجماعِ الذي حكاه إمامُ الحرمين الجويني، فقد حكى إجماعَ المحققين على منعِ غيرِ المجتهدين مِنْ أخذ أقوالِ الصحابةِ - رضي الله عنهم -، وقد انتهيتُ في المسألةِ إلى القولِ بجوازِ التمذهبِ بمذهبِ الصحابي والتابعي مِنْ جهةِ التنظيرِ، ويبقى النظرُ في إمكانِه، والظاهر عدمُ إمكانِ التمذهبِ إلا بمشقةٍ بالغةٍ.