للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرّرَ صحةَ اجتهادِ الكافرِ في الشريعةِ الإسلاميةِ، يقولُ: "وقد أجازَ النظارُ وقوعَ الاجتهادِ في الشريعةِ مِن الكافرِ المنكرِ لوجودِ الصانعِ والرسالةِ والشريعةِ؛ إذ كانَ الاجتهادُ إنَّما يَنْبَنِي على مقدماتٍ تفْرَضُ صحتها" (١).

وقد نُوقِشَ رأيُ أبي إسحاقَ الشاطبي مِنْ ثلاثةِ أوجهٍ:

الوجه الأول: ما الثمرةُ الموجوة لاجتهادِ الكافرِ؟ فهلْ سيقلّدُه المسلمون فيما ذَهَبَ إليه؟ ! وهل سيعملُ بما أدّاه إليه اجتهادُه؟ ! (٢).

الوجه الثاني: مِنْ شروطِ صحةِ استنباطِ الحكمِ: اعتقادُ صحتِه، أو ظنُّها، والكافرُ لا يعتقدُ صحةَ مقدِّماتِ الحُكمِ - وهي: الكتابُ والسنةُ وما يرجعُ إليهما - التي بَنَى عليها حكمَه (٣).

الوجه الثالث: يلزمُ مِن الأخذِ برأي أبي إسحاقَ الشاطبي، القولُ بصحةِ آراء المستشرقين، والمنكرين للإسلامِ، ولنبوة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا باطلٌ قطعًا (٤).

الشرط الرابع: الملكة (٥).

يُشْتَرطُ لبلوغِ رتبةِ الاجتهادِ وجودُ الملكةِ الفقهيةِ في العالم، والتي يُعَبّرُ عنها بفقهِ النفسِ (٦).


(١) الموافقات (٥/ ٤٨ - ٤٩).
(٢) انظر: تعليق دراز على الموافقات (٥/ ٨٤).
(٣) انظر: المصدر السابق.
(٤) انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٣٢٤).
(٥) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٨٦)، وتقريب الوصول لابن جزي (ص/ ٤٢٧)، والبحر المحيط (٦/ ١٩٩).
(٦) انظر: المنخول (ص/ ٤٦٤)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١١٦).
ولابن خلدون كلام جيد في توضيح المراد بالملكة، يقول في مقدمته (٣/ ١٠١٩): "وذلك أنَّ الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه إنما هو بحصول ملكة في الإحاطة بمبادئه وقواعده، والوقوف على مسائله، واستنباط فروعه من أصوله، وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك المتناول حاصلًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>