للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ إمامُ الحرمينِ الجويني متحدّثًا عن أهميةِ الملكةِ الفقهيةِ: "ثمَّ يُشترطُ: فقهُ النفسِ؛ فهو رأسُ مالِ المجتهدِ، ولا يَتَأتَّى كسبُه؛ فإنْ جُبِلَ على ذلك فهو المرادُ، وإلا فلا يَتَأتَّى تحصيلُه مِن الكتبِ" (١).

والمرادُ بـ (فقهِ النّفسِ): أنْ يكونَ الفقهُ سجيةً وطبعًا في نفسِ المجتهدِ (٢)، فيكون شديدَ الفهم بالطَّبع لمقاصدِ الكلامِ (٣)، وتكون له قدرةٌ على استخراجِ أحكامِ الفقهِ مِنْ أَدلتِها (٤).

ودليلُ اشتراطِ الملكةِ في المجتهدِ: الاشتقاقُ على القاعدةِ الصرفيةِ؛ لأنَّ الفقيهَ - وهو المجتهد - اسمُ فاعلٍ من (فقُه) - بضم القاف - إذا صار الفقهُ سجيةً له (٥).

تلك هي أهمُّ شروطِ الاجتهادِ المتعلقةِ بالجانب الشخصي للمجتهدِ، وبقي أنْ أقولَ: إنَّ ثمَّةَ أوصافًا متعلقةً بالجانبِ الشَخصي للمجتهدِ، لا تُشترطُ فيه، وقد نصَّ بعضُ الأصوليين على عدمِ اشتراطِها، وهي:

أولًا: العدالة.

ثانيًا: الذكورية.

ثالثًا: الحرية.


= وهذه الملكة غير الفهم والوعي؛ لأنا نجد فهم المسألة الواحدة من الفن الواحد ووعيها مشتركًا بين من شدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدئ فيه، وبين العامي الذي لم يحصَل علمًا وبين العالم النحرير، والملكة إنما هي للعالم أو الشادي في الفنون، دون من سواهما، فدل على أن هذه الملكة غير الفهم والوعي". وانظر: المصدر السابق (٣/ ١٢٨٦ وما بعدها).
(١) البرهان (٢/ ٨٧٠) بتصرف يسير. وانظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٨٦).
(٢) انظر: لمع اللوامع لابن رسلان، القسم الثاني (٢/ ٥٩٢).
(٣) انظر: التحبير (٨/ ٣٨٧٠)، وشرح الكوكب الساطع للسيوطي (٤/ ١١٦).
(٤) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٨٦)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٨٢) بحاشية البناني.
(٥) انظر: لمع اللوامع لابن رسلان، القسم الثاني (٢/ ٥٩٢)، والفرائد الجديدة للسيوطي (٢/ ٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>