للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجتهدِ (١).

يدلُّ على هذا: كلامُ الأصوليين في الموطنِ الذي يوردونَ فيه شروطَ الاجتهادِ، وذلك بجعلِ الشروطِ - ومنها: العدالة - شروطًا للمفتي، أو بذكرِ شروطِ الاجتهادِ - ومنها: العدالة - وإردافها بأنْ مَن اجتمعتْ فيه، ساغَ له الاجتهادُ والإفتاءُ.

ويدلُّ على الاتفاقِ على عدمِ اشتراطِ العدالةِ في المجتهدِ أمورٌ، منها:

الأمر الأول: لمَّا ساق أبو المظفرِ السمعاني شروطَ الاجتهادِ، ذَكَرَ منها العدالةَ، ثم بيَّنَ أنَّ العدالةَ إنَّما تُعتبرُ في الحكمِ والفتوى، دونَ الاجتهادِ (٢).

الأمر الثاني: لمَّا ساقَ أبو حامدٍ الغزالي شروطَ الاجتهادِ، ذَكَرَ منها: العدالةَ، ثمَّ أعقبَ ذلك ببيانِ أنَّ العدالةَ شرطٌ لجوازِ الاعتمادِ على فتوى المجتهدِ، أمَّا في اجتهادِه، فليستْ بشرطٍ (٣).

والأمرانِ السابقانِ يدلانِ على أنَّ مرادَ مَنْ نصَّ على اشتراطِ العدالةِ في الاجتهادِ، اشتراطُها في قبولِ فتوى المجتهدِ.

الأمر الثالث: نصَّ جمعٌ مِن الأصوليين على عدمِ وجودِ خلافٍ في المسألةِ، وأنَّ مرادَ مَنْ قال باشتراطِ العدالةِ، اشتراطُها في قبولِ فتوى الفاسقِ.


(١) انظر على سبيل المثال: التلخيص في أصول الفقه للجويني (٣/ ٤٦٠)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ ٨٦)، وإحكام الفصول (ص/ ٧٢٢)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٣٥)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٩٢).
(٢) انظر: قواطع الأدلة (٥/ ٩).
(٣) انظر: المستصفى (٢/ ٣٨٢ - ٣٨٣). ويقول أبو حامد الغزالي في: المنخول (ص / ٤٦٣): "ولا بُدَّ من الورع؛ فلا يصدق الفاسق، ولا يجوز التعويل على قوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>